السادس - إلى بعض الشيعة:

    (١)- الشيخ الصدوق رحمـه الله؛: حدّثنا أبي قال: حدّثنا سعد بن عبد اللّه قـال: حدّثنا محمّد بن عيسى بن عبيد

    اليقطينيّ قال: كتب عليّ بن محمّد بن عليّ بن موسى الرضا: إلى بعض شيعته ببغداد:

    «بسم اللّه الرحمن الرحيم»

    عصمنا اللّه وإيّاك من الفتنة، فإن يفعل فأعظم به نعمة وإلّا يفعل فهي الهلكة ، نحن نرى أنّ الجـدال في القرآن

    بدعة اشترك فيها السائل والمجيب، فتعاطى السائل ما ليس له، وتكلّف المجيب ما ليس عليه، وليس الخالـق إلّا

    اللّه وما سواه مخلوق، والقـرآن كلام اللّه لا تجعل له اسما من عندك فتكون من الضالّين، جعلنا اللّه وإيّاك من

    الذين يخشون ربّهم بالغيب وهم من الساعة مشفقون.

    {الأمالي: ٤٣٨، ح ١٤.

    التوحيد: ٢٢٤، ح ٤ عنه وعن الأمالي، البحار: ١١٨/٨٩، ح ٤.

    روضة الواعظين: ٤٧، س ١.

    قطعة منه في(صفات اللّه عزّ وجلّ) و(الجدال في القرآن) و(دعاؤه‏ عليه السلام لبعض شيعته ببغداد)}.

 

 

 

 

    (١)- الشيخ الصدوق رحمه الله؛: حدّثنا أحمد بن زياد بن جعفر رضي الله عنه قال: حدّثنا عليّ بن إبراهيم، عن

    أبيه، عن عليّ بن صدقة، عن عليّ بن عبد الغفّار قال: لمّا مـات أبو جعفر الثاني ‏عليه السلام كتبت الشيعة إلى

    أبي الحسن صاحب العسكر عليه السلام يسألونه عن الأمر.

    فكتب‏ عليه السـلام: الأمر لي مادمت حيّا فإذا نزلت بي مقادير اللّه عزّ وجلّ آتاكم اللّه الخلف منّي، وأنّى لكـم

    بالخلف بعد الخلف.

    {إكمال الدين وإتمام النعمة: ٣٨٢، ح ٨ عنه البحـار: ١٦٠/٥١، ح ٥، وحلية الأبرار: ١٣٣/٥، ح ١٧، وإثبات

    الهداة: ٣٩٤/٣ ح ‏١٦.

    إعلام الورى: ٢٤٧/٢، س ٦.

    قطعة منه في (النصّ على نفسه ‏عليه السلام) و(نصّه على ابنه الحسن‏ عليهما السلام) و(نصّه على المهديّ‏ عليهما

    السلام)}.

 

 

 

 

    السابع - إلى أهل الأهواز:

    (١)-ابن شعبة الحرّانيّ رحمه الله؛: من عليّ بن محمّد عليهما السلام: سلام عليكم وعلى من اتّبع الهدى ورحمة

    اللّه وبركاته.

    فإنّه ورد عليّ كتابكم، وفهمت مـا ذكرتم من اختلافكم في دينكم، وخوضكم فـي القدر، ومقالة من يقـول منكم

    بالجبر، ومن يقـول بالتفويض، وتفرّقكم في ذلك وتقاطعكم وما ظهر من العداوة بينكم، ثمّ سألتموني عنه‏{القطع:

    إبانة بعض أجزاء الجرم من بعض فصلاً. تقاطع الشي‏ء: بان بعضه من بعضه. لسان العرب: ٢٢١/١١،(قطع)}

    وبيانه لكم وفهمت ذلك كلّه.

    اعلموا رحمكم اللّه أنّا نظرنا في الآثار ، وكثرة ما جاءت به الأخبار فوجدناها عند جميع من ينتحل الإسلام ممّن

    يعقل عن اللّه جلّ وعزّ لا{فلان ينتحل مذهب كذا وقبيلـة كذا: إذا انتسب إليها. مجمع البحرين: ٤٧٨/٥(نحـل)}

    تخلو من معنيين، إمّا حقّ فيتّبع، وإمّا باطل فيجتنب.

    وقد اجتمعت الأُمّة قاطبة لا اختلاف بينهم أنّ القرآن حقّ لا ريب فيه عند جميع أهل الفرق، وفي حـال اجتماعهم

    مقرون بتصديق الكتاب وتحقيقه مصيبون مهتدون، وذلك بقـول رسـول اللّه صلى الله عليه وآله وسلم: لا تجتمع

    أُمّتى على ضلالة.

    فأخبر أنّ جميع ما اجتمعت عليه الأُمّة كلّها حقّ، هذا إذا لم يخالف بعضها بعضا. والقرآن حـقّ لا اختلاف بينهم

    في تنزيله وتصديقه، فإذا شهد القرآن بتصديق خبر وتحقيقه، وأنكر الخبر طائفـة من الأُمّـة لزمهم الإقـرار به

    ضرورة حين اجتمعت في الأصل على تصديق الكتاب، فإن[هي‏] جحدت وأنكرت لزمها الخروج من الملّة.

    فأوّل خبر يعرف تحقيقه من الكتاب وتصديقه والتماس شهادته عليه،خبر ورد عن رسول اللّه صلى الله عليه وآله

    وسلم ووجد بموافقـة الكتاب وتصديقه بحيث لاتخالفـه أقاويلهم حيث قـال:«إنّـي مخلّف فيكم الثقلين كتاب اللّه

    وعترتي - أهل بيتي- لن ‏تضلّوا ما تمسّكتم بهما، وإنّهما لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض».

    فلمّا وجدنا شواهد هذا الحديث في كتاب اللّه نصّا مثل قولـه جـلّ وعزّ: (إِنّمَا وَلِيّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ‏ وَالّذِينَ ءَامَنُواْ

    الّذِينَ يُقِيمُونَ الصّلَوةَ وَيُؤْتُونَ الزّكَوةَ وَهُمْ رَكِعُونَ * وَمَن يَتَوَلّ اللّهَ وَرَسُولَـهُ‏ وَالّذِينَ ءَامَنُواْ فَإِنّ حِـزْبَ اللّهِ هُمُ

    الْغَلِبُونَ){المائدة: ٥٥/٥ و٥٦} وروت العامّـة في ذلك أخبارا لأمير المؤمنين‏ عليه السلام أنّه تصدّق بخاتمه وهو

    راكع فشكر اللّه ذلك له وأنزل الآية فيه.

    فوجدنا رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم قد أتى بقولـه: «من كنت مولاه فعليّ مولاه» وبقولـه:«أنت منّي

    بمنزلة هارون من موسى إلّا أنّه لا نبيّ بعدي».

    ووجدناه يقول: «عليّ يقضي ديني، وينجز موعدي، وهو خليفتي عليكم من بعدي».

    فالخبر الأوّل الذي استنبطت منه هذه الأخبار، خبر صحيح مجمع عليه لااختلاف فيه عندهم، وهـو أيضا موافق

    للكتاب؛ فلمّا شهد الكتاب بتصديق الخبر و هذه الشواهد الأُخر لزم على الأُمّة الإقرار بها ضرورة، إذ كانت هذه

    الأخبار شواهدها من القرآن ناطقة، ووافقت القرآن والقرآن وافقها.

    ثمّ وردت حقائق الأخبار من رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم عن الصادقين:، ونقلها قوم ثقات معروفـون

    فصار الإقتداء بهذه الأخبار فرضا واجبا على كلّ مؤمن ومؤمنة لا يتعدّاه إلّا أهل العناد.

    وذلك أنّ أقاويل آل رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم متّصلة بقول اللّه وذلك مثل قوله في محكم كتابه: (إِنّ

    الّذِينَ يُؤْذُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ‏ لَعَنَهُمُ اللّهُ فِى الدّنْيَا وَالْأَخِرَةِ وَأَعَدّ لَهُمْ عَذَابًا مّهِينًا) {الأحـزاب: ٥٧/٣٣} ووجدنا نظير

    هذه الآية قول رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم:«من آذى عليّا فقد آذاني ومن آذاني فقد آذى اللّه، ومن آذى

    اللّه يوشك أن ينتقم منه».

    وكذلك قوله صلى الله عليه و آله وسلم «من أحبّ عليّا فقد أحبّني ومن أحبّني فقد أحبّ‏ اللّه».

    ومثل قوله صلى الله عليه و آله وسلم في بني وليعة: «لأبعثنّ إليهم رجلاً كنفسي يحبّ اللّه ورسوله، ويحبّه اللّه

    ورسوله، قم يا عليّ فسر إليهم».

    وقوله صلى الله عليه و آله وسلم يوم خيبر: «لأبعثن إليهم غدا رجلاً يحبّ اللّه ورسوله، ويحبّه اللّه ورسولـه،

    كرّارا غير فرّار لا يرجع حتّى يفتح اللّه عليه».

    فقضى رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم بالفتح قبل التوجيه، فاستشرف لكلامه أصحاب رسـول اللّه صلى

    الله عليه و آله وسلم، فلمّا كان من الغد دعا عليّ عليه السلام فبعثه إليهم فاصطفاه بهذه المنقبة، وسمّاه كرّارا غير

    فرّار، فسمّاه اللّه محبّا للّه ولرسوله، فأخبر أنّ اللّه ورسوله يحبّانه.

    وإنّما قدّمنا هذا الشرح والبيان دليلاً على ما أردنا، وقوّة لما نحن مبيّنوه من أمـر الجبر والتفويض، والمنزلة بين

    المنزلتين، وباللّه العون والقوّة، وعليه نتوكّل في جميع أُمورنا.

    فإنّا نبدأ من ذلك بقول الصادق عليه السلام: «لا جبر ولا تفويض ولكن منزلة بين المنزلتين، وهي صحّة الخلقة،

    وتخلية السـرب، والمهلة في الوقت‏{السّرب بفتح السين وسكون الراء: الطريق. مجمع البحرين: ٨٢/٢(سرب).

    يقال: خلّ سِربَه(بكسر السين): طريقه ووجهتـه. المعجم الوسيط: ٤٢٥(سرب)} والزاد، مثل الراحلـة، والسبب

    المهيّج للفاعل على فعله» فهذه خمسة أشياء جمع به الصادق‏ عليه السـلام جوامـع الفضل، فإذا نقص العبد منها

    خلّة، كان العمل عنه مطروحا بحسبه، فأخبر الصادق‏ عليه السـلام بأصل ما يجب على الناس من طلب معرفته،

    ونطق الكتاب بتصديقه، فشهد بذلك محكمات آيات رسوله، لأنّ الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وآله: لا يعدون

    شيئا من قوله وأقاويلهم حدود القرآن، فإذا وردت حقائق الأخبار والتمست شواهدها من التنزيل، فوجد لها موافقا

    وعليها دليلاً، كان الإقتداء بها فرضا لا يتعدّاه إلّا أهل العناد كما ذكرنا في أوّل الكتاب.

    ولمّا التمسنا تحقيق ما قالـه الصادق‏ عليه السـلام من المنزلـة بين المنزلتين، وإنكاره الجبر والتفويض، وجدنا

    الكتاب قد شهد له، وصدّق مقالته في هذا.

    وخبر عنه أيضا موافق لهذا: أنّ الصادق‏ عليه السلام سئل هل أجبر اللّه العباد على المعاصي؟

    فقال الصادق‏ عليه السلام: هو أعدل من ذلك.

    فقيل له: فهل فوّض إليهم؟

    فقال‏ عليه السلام: هو أعزّ وأقهر لهم من ذلك.

    وروي عنه ‏عليه السلام أنّه قال: الناس في القدر على ثلاثة أوجه: رجـل يزعم أنّ الأمر مفوّض إليه فقد وهّن

    اللّه في سلطانه فهو هالك.

    ورجل يزعم أنّ اللّه جلّ وعزّ أجبر العباد على المعاصي وكلّفهم ما لايطيقون فقد ظلّم اللّه في حكمه فهو هالك.

    ورجل يزعم أنّ اللّه كلّف العباد ما يطيقون ولم يكلّفهم ما لا يطيقون، فإذا أحسن حمد اللّه وإذا أساء استغفر اللّه

    فهذا مسلم بالغ.

    فأخبر عليه السلام: أنّ من تقلّد الجبر والتفويض ودان بهما فهو على خلاف الحقّ.

    فقد شرحت الجبر الذي من دان به يلزمه الخطأ، وأنّ الذي يتقلّد التفويض يلزمه الباطل، فصارت المنزلـة بين

    المنزلتين بينهما.

    ثمّ قال‏ عليه السلام: وأضرب لكلّ باب من هذه الأبواب مثلاً يقرّب المعنى للطالب، ويسهّل له البحث عن شرحه،

    تشهد به محكمات آيات الكتاب، وتحقّق تصديقه عند ذوي الألباب، وباللّه التوفيق والعصمة.

    فأمّا الجبر الذي يلزم من دان به الخطأ فهو قول من زعم أنّ اللّه جلّ وعزّ أجبر العباد على المعاصـي وعاقبهم

    عليها؛ ومن قال بهذا القول فقد ظلّم اللّه في‏ حكمه وكذّبه وردّ عليه قوله: (وَلَايَظْلِمُ رَبّكَ أَحَدًا){الكهف: ٤٩/١٨}.

    وقوله: (ذَلِكَ بِمَا قَدّمَتْ يَدَاكَ وَأَنّ اللّهَ لَيْسَ بِظَلّمٍ لِّلْعَبِيدِ){الحجّ: ١٠/٢٢}.

    وقولـه: (إِنّ اللّهَ لَايَظْلِمُ النّاسَ شَيًْا وَلَكِنّ النّاسَ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ){يونس: ٤٤/١٠} مع آيٍ كثيرة في ذكر هذا.

    فمن زعم أنّه مجبر على المعاصي فقد أحال بذنبه على اللّه، وقد ظلّمه في عقوبته.

    ومن ظلّم اللّه فقد كذّب كتابه. ومن كذّب كتابه فقد لزمه الكفر بإجتماع الأُمّة.

    ومثل ذلك مثل رجـل ملك عبدا مملوكا لا يملك نفسـه ولا يملك عرضا من عرض الدنيا، ويعلم مولاه ذلك منه

    فأمره على علم منه بالمصير إلى السوق لحاجة يأتيه بها، ولم يملكه ثمن ما يأتيه به من حاجته ، وعلم المالك أنّ

    على الحاجة رقيبا لا يطمع أحد في أخذها منه إلّا بما يرضى به من الثمن، وقـد وصف مالك هـذا العبد نفسـه

    بالعدل والنصفة، وإظهار الحكمة ونفي الجور ، وأوعد عبده إن لم يأته بحاجته أن يعاقبه على علم منـه بالرقيب

    الذي على حاجته أنّه سيمنعه، وعلم أنّ المملوك لا يملك ثمنها ولم يملّكه ذلك، فلمّا صار العبد إلى السوق وجـاء

    ليأخذ حاجته التي بعثه المولى لها وجد عليها مانعا يمنع منها إلّا بشراء ، وليس يملك العبد ثمنها، فانصرف إلـى

    مولاه خائبا بغير قضاء حاجته، فاغتاظ مولاه من ذلك وعاقبه عليه.

    أليس يجب في عدله و حكمـه أن لا يعاقبه وهو يعلم أنّ عبده لا يملك عرضا من عروض الدنيا ولم يملكـه ثمن

    حاجته؟

    فإن عاقبه عاقبه ظالما متعدّيا عليه، مبطلاً لما وصف من عدله وحكمته ونصفته، وإن لم يعاقبه كذّب نفسـه فـي

    وعيده إيّاه حين أوعده بالكذب والظلم اللذين ينفيان العدل والحكمة؛ تعالى عمّا يقولون علوّا كبيرا.

    فمن دان بالجبر أو بما يدعـو إلى الجبر فقد ظلّم اللّه ونسبه إلى الجـور والعدوان، إذ أوجب على من أجبر[ه‏]

    العقوبة.

    ومن زعم أنّ اللّه أجبر العباد فقد أوجب على قياس قوله إنّ اللّه يدفع عنهم العقوبة.

    ومن زعم أنّ اللّه يدفع عن أهـل المعاصي العذاب فقد كذّب اللّه فـي وعيده حيث يقـول: (بَلَى‏ مَن كَسَبَ سَيِّئَةً

    وَأَحَطَتْ بِهِ‏ خَطِيَتُهُ‏ فَأُوْلَِكَ أَصْحَبُ النّارِ هُمْ فِيهَا خَلِدُونَ){البقرة: ٨١/٢}.

    وقوله:(إِنّ الّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَلَ الْيَتَمَى‏ ظُلْمًا إِنّمَا يَأْكُلُونَ فِى بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا){النساء: ١٠/٤}.

    وقوله:(إِنّ الّذِينَ كَفَرُواْ بَِايَتِنَا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ نَارًا كُلّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُم بَدّلْنَهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُواْ الْعَذَابَ إِنّ اللّهَ

    كَانَ عَزِيزًا حَكِيمًا){النساء: ٥٦/٤} مع آي كثيرة في هذا الفن‏غ ممّن كذّب وعيد اللّه، ويلزمه في تكذيبه آيـة من

    كتاب ‏اللّه الكفر.

    وهـو ممّن قال اللّه: (أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَبِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَآءُ مَن يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنكُمْ إِلّا خِزْىٌ فِى الْحَيَوةِ

    الدّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَمَةِ يُرَدّونَ إِلَى‏ أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللّهُ بِغَفِلٍ عَمّا تَعْمَلُونَ){البقرة: ٨٥/٢}؛ بل نقول: إنّ اللّه عزّ وجلّ

    جازى‏ العباد على أعمالهم، ويعاقبهم على أفعالهم بالإستطاعة التي ملّكهم إيّاها، فأمرهم ونهاهم بذلك ونطق كتابه:

    (مَن جَآءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ‏ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَن جَآءَ بِالسّيِّئَةِ فَلَا يُجْزَى‏ إِلّا مِثْلَهَا وَهُمْ لَايُظْلَمُونَ ){الأنعـام: ١٦٠/٦} وقال

    جـلّ ذكـره:(يَوْمَ تَجِدُ كُلّ نَفْسٍ مّا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مّحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِن سُوءٍ تَوَدّ لَوْ أَنّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ‏ أَمَدَ‏اً بَعِيدًا

    وَيُحَذِّرُكُمُ اللّهُ نَفْسَهُ‏){آل عمران: ٣٠/٣}.

    وقال: (الْيَوْمَ تُجْزَى‏ كُلّ نَفْسِ‏ بِمَا كَسَبَتْ لَا ظُلْمَ الْيَوْمَ){غافر: ١٧/٤٠} فهـذه آيات محكمات تنفي الجبر ومن دان

    به، ومثلها في القرآن كثير، اختصرنا ذلك لئلّا يطول الكتاب وباللّه التوفيق.

    وأمّا التفويض الذي أبطله الصادق ‏عليه السلام، وأخطأ من دان به وتقلّده، فهو قول القائل: إنّ اللّه جـلّ ذكـره

    فوّض إلى العباد اختيار أمره ونهيه وأهملهم.

    وفي هذا كلام دقيق لمن يذهب إلى تحريره ودقّته، وإلى هذا ذهبت الأئمّة المهتدية من عترة الرسـول صلى الله

    عليه و آله وسلم ، فإنّهم قالوا: لو فوّض إليهم على جهة الإهمال لكان لازما له رضا ما اختاروه واستوجبوا منه

    الثواب، ولم يكن عليهم فيما جنوه العقاب إذا كان الإهمال واقعا، وتنصرف هذه المقالة على معنيين: إمّا أن ‏يكون

    العباد تظاهروا عليه فألزموه قبول إختيارهم بآرائهم ضرورة، كره ‏ذلك أم أحبّ فقد لزمه الوهن، أو يكـون جلّ

    وعزّ عجز عن تعبّدهم بالأمر والنهى على إرادته، كرهوا أو أحبّوا، ففوّض أمـره ونهيه إليهم وأجراهما علـى

    محبّتهم، إذ عجز عن تعبّدهم بإرادته، فجعل الإختيار إليهم في الكفر والإيمان.

    ومثل ذلك مثل رجل ملك عبدا ابتاعه ليخدمه، ويعـرف لـه فضل ولايته، ويقف عند أمره ونهيه، وادّعى مالك

    العبد أنّه قاهر عزيز حكيم، فأمر عبده ونهاه، ووعده على اتّباع أمره عظيم الثواب ، وأوعده علـى معصيته أليم

    العقاب، فخالف العبد إرادة مالكه ولم يقف عند أمره ونهيه، فأيّ أمـر أمره، أو أيّ نهي نهاه عنه لم يأته علـى

    إرادة المولى؛ بل كـان العبد يتّبع إرادة نفسه، واتّباع هـواه، ولا يطيق المولى أن يردّه إلى اتّباع أمـره ونهيه

    والوقوف على إرادته، ففوّض إختيار أمره ونهيه إليه ، ورضي منه بكلّ ما فعله على إرادة العبد لا على إرادة

    المالك، وبعثه في بعض حوائجه وسمّى له الحاجة فخالف على مولاه وقصد لإرادة نفسه واتّبع هواه، فلمّا رجع

    إلى مولاه نظر إلى ما أتاه به، فإذا هو خلاف ما أمره به، فقال له: لِمَ أتيتني بخلاف ما أمرتك؟

    فقال العبد: اتّكلت على تفويضك الأمر إليّ فاتّبعت هواي وإرادتي، لأنّ المفوّض إليه غير محظور عليه فاستحال

    التفويض.

    أو ليس يجب على هذا السبب إمّا أن يكون المالك للعبد قادرا يأمر عبده باتّباع أمره ونهيه على إرادتـه، لا على

    إرادة العبد، ويملّكه من الطاقة بقدر مايأمره به وينهاه عنه، فإذا أمره بأمر ونهاه عن نهى، عرّفه الثواب والعقاب

    عليهما؛ وحذّره ورغّبه بصفة ثوابه وعقابه، ليعرف العبد قدرة مولاه بما ملّكه من الطاقـة لأمره ونهيه، وترغيبه

    وترهيبه، فيكون عدله وإنصافه شامـلاً له، وحجّته واضحة عليه للإعـذار والإنذار. فإذا اتّبع العبد أمـر مولاه

    جازاه، وإذا لم يزدجر عن نهيه عاقبه، أو يكون عاجزا غير قادر، ففوّض أمره إليه ، أحسن أم أساء، أطـاع أم

    عصى، عاجز عن عقوبته، وردّه إلى اتّباع أمره.

    وفي إثبات العجـز نفى القدرة والتألّه، وإبطال الأمر والنهى، والثواب والعقاب، ومخالفـة الكتاب، إذ يقـول:

    (وَلَايَرْضَى‏ لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ وَإِن تَشْكُرُواْ يَرْضَهُ لَكُمْ ){الزمر: ٧/٣٩}.

    وقوله عزّ وجلّ:(اتّقُواْ اللّهَ حَقّ تُقَاتِهِ‏ وَلَاتَمُوتُنّ إِلّا وَأَنتُم مّسْلِمُونَ){آل عمران: ١٠٢/٣}.

    وقوله: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنّ وَالْإِنسَ إِلّا لِيَعْبُدُونِ * مَآ أُرِيدُ مِنْهُم مِّن رِّزْقٍ وَمَآ أُرِيدُ أَن يُطْعِمُونِ){الذاريات: ٥٦/٥١

    - ٥٧}.

    وقوله: (اعْبُدُواْ اللّهَ وَلَاتُشْرِكُواْ بِهِ‏ شَيًْا).

    {النساء: ٣٦/٤} وقوله:(أَطِيعُواْ اللّهَ وَرَسُولَهُ‏ وَلَاتَوَلّوْاْ عَنْهُ وَأَنتُمْ تَسْمَعُونَ){الأنفال: ٢٠/٨}.

    {في المصدر: أطيعوا اللّه وأطيعوا الرسـول...، ولكن صححّناها بما في المصحف الشريف}.

    فمن زعم أنّ اللّه تعالى فوّض أمره ونهيه إلى عباده فقد أثبت عليه العجز، وأوجب عليه قبول كلّ ما عملوا من

    خير وشرّ، وأبطل أمر اللّه ونهيه ووعده ووعيده، لعلّـة ما زعم أنّ اللّه فوّضها إليه، لأنّ المفوّض إليـه يعمل

    بمشيئته، فإن شاء الكفر أو الإيمان، كان غير مردود عليه ولا محظور، فمن دان بالتفويض على هذا المعنى فقد

    أبطل جميع ما ذكرنا، من وعده ووعيده، وأمره ونهيه، وهو من أهل هذه الآية:(أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَبِ وَتَكْفُرُونَ

    بِبَعْضٍ فَمَا جَزَآءُ مَن يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنكُمْ إِلّا خِزْىٌ فِى الْحَيَوةِ الدّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَمَةِ يُرَدّونَ إِلَى‏ أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللّهُ بِغَفِلٍ

    عَمّا تَعْمَلُونَ){البقرة: ٨٥/٢} تعالى عمّا يدين به أهل التفويض علوّا كبيرا.

    لكن نقول: إنّ اللّه عزّ وجلّ خلق الخلق بقدرته، وملّكهم استطاعة تعبّدهم بها، فأمرهم ونهاهم بما أراد، فقبل منهم

    اتّباع أمره ورضي بذلك لهم، ونهاهم عن معصيته ، وذمّ من عصاه وعاقبه عليها، وللّه الخيرة في الأمر والنهى،

    يختار مايريد ويأمر به،وينهى عمّا يكره ويعاقب عليه بالإستطاعة التي ملّكها عباده لاتّباع أمره واجتناب معاصيه،

    لأنّه ظاهر العدل والنصفة والحكمة البالغة، بالغ الحجّة بالإعذار والإنذار، وإليه الصفـوة يصطفي من عباده من

    يشاء لتبليغ رسالته، واحتجاجه على عباده؛ اصطفى محمّد صلى الله عليه وآله وسلم وبعثه برسالاته إلى خلقـه،

    فقال من قال من كفّار قومه حسدا واستكبارا:(لَوْلَا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْءَانُ عَلَى‏ رَجُلٍ مِّنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ){الزخــرف:

    ٣١/٤٣} يعني‏ بذلك أُميّـة بن أبي الصلت وأبا مسعود الثقفيّ، فأبطل اللّه اختيارهم ولم يجـز لهم آراءهم حيث

    يقول: (أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُم مّعِيشَتَهُمْ فِـى الْحَيَوةِ الدّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَتٍ

    لِّيَتّخِذَ بَعْضُهُم بَعْضًا سُخْرِيّا وَرَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِّمّا يَجْمَعُونَ) {الزخـرف: ٣٢/٤٣} ولذلك اختار من الأُمور ما

    أحبّ، ونهى عمّا كره ، فمن أطاعه أثابه. ومن عصاه عاقبه. ولو فوّض اختيار أمره إلى عباده لأجـاز لقريش

    اختيار أُميّة ابن أبي الصلت، وأبي مسعود الثقفيّ، إذ كانا عندهم أفضل من محمّد صلى الله عليه و آله وسلم.

    فلمّا أدّب اللّه المؤمنين بقوله: (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللّهُ وَرَسُولُهُ‏ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ

    أَمْرِهِمْ){الأحـزاب: ٣٦/٣٣} فلم يجز لهم الاختيار بأهوائهم، ولم يقبل منهم إلّا اتّباع أمره، واجتناب نهيه على

    يدي من اصطفاه، فمن أطاعه رشد ، ومن عصاه ضلّ وغوى، ولزمته الحجّة بما ملّكه من الإستطاعـة لاتّباع

    أمره واجتناب نهيه، فمن أجل ذلك حرّمه ثوابه وأنزل به عقابه.

    وهذا القول بين القولين ليس بجبر ولا تفويض ، وبذلك أخبر أميرالمؤمنين صلـوات اللّه عليه عباية بن ربعي

    الأسديّ حين سأله عن الإستطاعة التي بها يقوم ويقعد ويفعل.

    فقال له أمير المؤمنين ‏عليه السلام: سألت عن الاستطاعة تملّكها من دون اللّه أو مع اللّه؟ فسكت عباية.

    فقال له أمير المؤمنين‏ عليه السلام: قل يا عباية! قال: وما أقول؟

    قال‏ عليه السلام: إن قلت: إنّك تملّكها مع اللّه قتلتك، وإن قلت: تملّكها دون اللّه قتلتك.

    قال عباية: فما أقول يا أمير المؤمنين!؟

    قال ‏عليه السلام: تقول إنّك تملّكها باللّه الذي يملّكها من دونك، فإن يملّكها إيّاك كان ذلك من عطائه، وإن يسلبكها

    كان ذلك من بلائه، هو المالك لما ملّكك، والقادر على ما عليه أقدرك، أما سمعت الناس يسألون الحـول والقوّة

    حين يقولون: لاحول ولا قوّة إلّا باللّه.

    قال عباية: وما تأويلها يا أمير المؤمنين!؟

    قال‏ عليه السلام: لا حول عن معاصي اللّه إلّا بعصمة اللّه، ولا قوّة لنا على طاعة اللّه إلّا بعون اللّه.

    قال: فوثب عباية فقبّل يديه ورجليه.

    وروي عن أمير المؤمنين‏ عليه السـلام حين أتاه نجدة يسأله عن معرفـة اللّه قال: ياأمير المؤمنين! بماذا عرفت

    ربّك؟

    قال‏ عليه السلام: بالتمييز الذي خوّلني والعقل الذي دلّني.

    {خوّله نعمة: أعطاه نعمة. مجمع البحرين: ٣٦٦/٥ (خول)} قال: أفمجبول أنت عليه؟

    قال: لـو كنت مجبولاً ما كنت محمودا على إحسان، ولا مذموما على إساءة، وكان المحسن أولى باللائمـة من

    المسيى‏ء، فعلمت أنّ اللّه قائم باق، وما دونه حدث حائل زائل، وليس القديم الباقي كالحدث الزائل.

    {حائل: كـلّ شـي‏ء تحرّك في مكانه. لسان العرب: ٤٠١/٣(حـول)} قال نجدة: أجدك أصبحت حكيما يا أمير

    المؤمنين!

    قال: أصبحت مخيّرا ! فإن أتيت السيّئة[ب ]مكان الحسنة فأنا المعاقب عليها.

    وروي عن أمير المؤمنين‏ عليه السلام أنّه قال لرجل سأله بعد انصرافه من الشام. فقال: يا أمير المؤمنين! أخبرنا

    عن خروجنا إلى الشام بقضاء وقدر.

    قال ‏عليه السلام: نعم، يا شيخ! ما علوتم تلعة ولا هبطتم واديا إلّا بقضاء وقدر من اللّه.

    فقال الشيخ: عند اللّه أحتسب عنائي يا أمير المؤمنين!

    فقال‏ عليه السلام: مـه يا شيخ! فإنّ اللّه قـد عظّم أجركم في مسيركم وأنتم سائرون، وفي مقامكم وأنتم مقيمون،

    وفي انصرافكم وأنتم منصرفون، ولم‏تكونوا في شـي‏ء من أُموركم مكرهين، ولا إليه مضطرّين، لعلّك ظننت أنّه

    قضاء حتم، وقدر لازم ، لو كان ذلك كذلك لبطل الثواب والعقاب، ولسقط الوعد والوعيد، ولمـا أُلزمت الأشياء

    أهلها على الحقائق؛ ذلك مقالة عبدة الأوثان، وأولياء الشيطان، إنّ اللّه جلّ وعزّ أمر تخييرا ونهـى تحذيرا، ولم

    يطع مكرها ولم يعص مغلوبا، ولم يخلق السموات والأرض وما بينهما باطلاً، ذلك ظنّ الذين كفـروا فويل للذين

    كفروا من النار.

    فقام الشيخ فقبّل رأس أمير المؤمنين‏عليه السلام وأنشأ يقول:

    أنت الإمام الذي نرجو بطاعته‏

    يوم النجاة من الرحمن غفرانا

    أوضحت من ديننا ما كان ملتبسا

    جزاك ربّك عنّا فيه رضوانا

    فليس معذرة في فعل فاحشة

    قد كنت راكبها ظلما وعصيانا

    فقد دلّ أمير المؤمنين ‏عليه السلام على موافقة الكتاب ونفي الجبر والتفويض اللذين يلزمان من دان بهما وتقلّدهما

    الباطل والكفر، وتكذيب الكتاب، ونعوذ باللّه من الضلالة والكفر، ولسنا ندين بجبر ولا تفويض، لكنّا نقول بمنزلة

    بين المنزلتين وهو الامتحان والاختبار بالاستطاعة التي ملّكنا اللّه ، وتعبّدنا بها علـى ما شهد به الكتاب، ودان به

    الأئمّة الأبرار من آل الرسول صلوات اللّه عليهم.

    ومثل الاختبار بالإستطاعة مثل رجل ملك عبدا وملك مالاً كثيرا أحبّ أن يختبر عبده على علم منه بما يؤول إليه،

    فملّكه من ماله بعض ماأحبّ ووقفه على أُمور عرّفها العبد، فأمره أن يصرف ذلك المـال فيها، ونهاه عن أسباب

    لم يحبّها، وتقدّم إليه أن يجتنبها ولا ينفق من ماله فيها، والمال يتصرّف في أيّ الوجهين ، فصرف المـال أحدهما

    في اتّباع أمر المولى ورضاه، والآخر صرفه في اتّباع نهيه وسخطه ؛ وأسكنه دار اختبار أعلمه أنّه غير دائم له

    السكنى في الدار، وأنّ له دارا غيرها وهـو مخرجه إليها، فيها ثواب وعقاب دائمان، فإن أنفذ العبد المـال الذي

    ملّكه مولاه في الوجه الذي أمره به جعل له ذلك الثواب الدائم في تلك الدار التي أعلمه أنّه مخرجـه إليها، وإن

    أنفق المال في الوجه الذي نهاه عن إنفاقه فيه جعل له ذلك العقاب الدائم في دار الخلود.

    وقد حدّ المولى في ذلك حدّا معروفا وهـو المسكن الذي أسكنه في الدار الأولى، فإذا بلغ الحـدّ استبدل المولى

    بالمال وبالعبد على أنّه لم يزل مالكا للمال والعبد في الأوقات كلّها، إلّا أنّه وعد أن لا يسلبه ذلك المال ما كان في

    تلك الدار الأولى إلى أن يستتمّ سكناه فيها فوفى له، لأنّ من صفات المولى، العدل والوفاء والنصفة، والحكمة.

    أو ليس يجب إن كان ذلك العبد صرف ذلك المال في الوجه المأمور به أن يفي له بما وعده من الثواب، وتفضّل

    عليه بأن استعمله في دار فانية وأثابه على طاعته فيها نعيما دائما في دار باقية دائمة؟

    وإن صرف العبد المال الذي ملّكه مولاه أيّام سكناه تلك الدار الأولى في الوجه المنهيّ عنه، وخالف أمر مولاه،

    كذلك تجب عليه العقوبة الدائمة التي حذّره إيّاها، غير ظالم لـه لما تقدّم إليه وأعلمه وعرّفه وأوجب لـه الوفاء

    بوعده ووعيده، بذلك يوصف القادر القاهر.

    وأمّا المولى فهو اللّه جلّ وعزّ، وأمّا العبد فهو ابن آدم المخلوق، والمال قدرة اللّه الواسعـة، ومحنته إظهار[ه‏]

    الحكمة والقدرة، والدار الفانية هي الدنيا، وبعض المال الذي ملّكـه مولاه هـو الإستطاعـة التي ملّك ابن آدم،

    والأُمور التي أمر اللّه بصرف المال إليها هو الإستطاعة لاتّباع الأنبياء، والإقرار بما أوردوه عن اللّه عزّ وجلّ،

    واجتناب الأسباب التي نهى عنها هي طرق إبليس، وأمّا وعده فالنعيم الدائم وهي الجنّة، وأمّا الدار الفانيـة فهي

    الدنيا.

    وأمّا الدار الأُخرى فهي الدار الباقيـة، وهـي الآخرة، والقول بين الجبر والتفويض هـو الإختبار والإمتحان،

    والبلوى بالإستطاعة التي ملّك العبد.

    وشرحها في الخمسة الأمثال التي ذكرها الصادق‏ عليه السلام أنّها جمعت جوامع الفضل وأنا مفسّرهـا بشواهد

    من القرآن والبيان إن‏شاء اللّه.

 

    «تفسير صحّة الخلقة»

    أمّا قول الصادق‏ عليه السلام فإنّ معناه كمال الخلق للإنسان وكمال الحواسّ وثبات العقل والتمييز وإطلاق اللسان

    بالنطق؛ وذلك قول اللّه: (وَلَقَدْ كَرّمْنَا بَنِى ءَادَمَ وَحَمَلْنَهُمْ فِى الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَهُم مِّنَ الطّيِّبَتِ وَفَضّلْنَهُمْ عَلَى‏ كَثِيرٍ

    مِّمّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً) {الإسـراء: ٧٠/١٧} فقد أخبر عزّ وجلّ عن تفضيله بني آدم علـى سائر خلقـه من البهائم

    والسباع، ودوابّ البحر والطير، وكلّ ذي حركة تدركه حواسّ بني آدم بتمييز العقل والنطق.

    وذلك قوله: (لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَنَ فِى أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ){التين: ٤/٩٥} وقوله: (يَأَيّهَا الْإِنسَنُ مَا غَرّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ * الّذِى

    خَلَقَكَ فَسَوّلكَ فَعَدَلَكَ * فِى أَىِ‏ّ صُورَةٍ مّا شَآءَ رَكّبَكَ){الانفطار:  ٦/٨٢ و٧ و ٨} وفي آيات كثيرة.

    فأوّل نعمة اللّه على الإنسان صحّة عقله، وتفضيله على كثير من خلقه بكمال العقل وتمييز البيان، وذلك أنّ كـلّ

    ذي حركة على بسيط الأرض هو قائم بنفسه بحواسّه، مستكمل في ذاته ، ففضّل بني آدم بالنطق الذي ليس فـي

    غيره من الخلق المدرك بالحواسّ ، فمن أجـل النطق ملّك اللّه ابن آدم غيره من الخلق حتّى صار آمـرا ناهيا،

    وغيره مسخّر له كما قال اللّه: (كَذَلِكَ سَخّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبِّرُواْ اللّهَ عَلَى‏ مَا هَدَكُمْ){الحجّ: ٣٧/٢٢}. وقال: (وَهُوَ الّذِى

    سَخّرَ الْبَحْرَ لِتَأْكُلُواْ مِنْهُ لَحْمًا طَرِيّا وَتَسْتَخْرِجُواْ مِنْهُ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا){النحـل: ١٤/١٦}. وقال: (وَالْأَنْعَمَ خَلَقَهَا لَكُمْ

    فِيهَا دِفْ‏ءٌ وَمَنَفِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ * وَلَكُمْ فِيهَا جَمَـالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُـونَ * وَتَحْمِلُ أَثْقَالَكُمْ إِلَـى‏ بَلَدٍ لّمْ

    تَكُونُواْ بَلِغِيهِ إِلّا بِشِقِ‏ّ الْأَنفُسِ){النحل:٥/١٦ و٦ و ٧}. فمن أجل ذلك دعا اللّه الإنسان إلى اتّباع أمره وإلى طاعته‏

    بتفضيله إيّاه باستواء الخلق، وكمال النطق والمعرفة، بعد أن ملّكهم استطاعة ما كان تعبّدهم به بقوله: (فَاتّقُواْ اللّهَ

    مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُواْ وَأَطِيعُواْ)،{التغابن: ١٦/٦٤} وقوله:(لَايُكَلِّفُ اللّهُ نَفْسًا إِلّا وُسْعَهَا) {البقرة: ٢٨٦/٢}. وقوله: 

    (لَايُكَلِّفُ اللّهُ نَفْسًا إِلّا مَآ ءَاتَهَا){الطلاق: ٧/٦٥} وفي آيات كثيرة.

     فإذا سلب من العبد حاسّة من حواسّه رفع العمل عنه بحاسّته كقوله: (لّيْسَ عَلَى الْأَعْمَى‏ حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْأَعْرَجِ

     حَرَجٌ) الآية{النور: ٦١/٢٤} فقد رفع عن كلّ من كان بهذه الصفـة الجهاد، وجميع الأعمال التي لا يقوم بها،

    وكذلك أوجب على ذي اليسار الحجّ، والزكاة لما ملّكه من استطاعة ذلك، ولم ‏يوجب على الفقير الزكاة والحجّ.

    قوله: (وَلِلّهِ عَلَى النّاسِ حِجّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً){آل عمـران: ٩٧/٣}. وقولـه فـي الظهار:(وَالّذِينَ

    يُظَهِرُونَ مِن‏ نِّسَآِئهِمْ ثُمّ يَعُـودُونَ لِمَا قَالُواْ فَتَحْرِيرُ رَقَبَـةٍ - إلى قولـه-: فَمَن لّمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا)

    المجادلة: ٣/٥٨ و  } كلّ ذلك دليل على أنّ اللّه تبارك وتعالى ‏ لم ‏يكلّف عباده إلّا ما ملّكهم استطاعته بقوّة

    العمل به ونهاهم عن مثل ذلك. فهذه صحّة الخلقة.‌‌‌‌‌

    وأمّا قوله: «تخلية السرب»، فهو الذي ليس عليه رقيب يحظر عليه ويمنعه العمل بما أمره اللّه به، وذلك قوله

    فيمن استضعف وحظر عليه العمل فلم يجد حيلة ولا يهتدي سبيلاً، كمـا قـال اللّه تعالى:(إِلّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ

    الرِّجَالِ وَالنِّسَآءِ وَالْوِلْدَنِ لَايَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلَايَهْتَدُونَ سَبِيلاً) {النسـاء: ٩٨/٤} فأخبر أنّ المستضعف لم يخـلّ

    سربه وليس عليه من القول شي‏ء إذا كان مطمئنّ القلب بالإيمان.

    وأمّا المهلة في الوقت فهو العمر الذي يمتّع الإنسان من حدّ ما تجب عليه المعرفة إلى أجل الوقت، وذلك من

    وقت تمييزه وبلوغ الحلم إلى أن يأتيه أجله. فمن مـات على طلب الحـقّ ولم يدرك كما له فهـو على خير؛

    وذلك قوله: (وَمَن يَخْرُجْ مِن‏ بَيْتِهِ‏ مُهَاجِرًا إِلَى اللّهِ وَرَسُولِهِ‏) الآية.{النساء: ١٠٠/٤} وإن كان لم يعمل بكمـال

    شرايعه لعلّة ما لم يمهله في الوقت إلـى استتمام أمره؛ وقد حظر على البالغ ما لم يحظر علـى الطفل إذا لم

    يبلغ الحلم في قولـه: (وَقُل لِّلْمُؤْمِنَتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَرِهِنّ) الآية؛{النور: ٣١/٢٤} فلم يجعل عليهنّ حرجـا

    في إبداء الزينة للطفل، وكذلك لا تجري عليه الأحكام.

    وأمّا قوله: (الزاد) فمعناه الجدة والبلغة التي يستعين بها العبد على ما أمـره اللّه به، وذلك قولـه:(مَـا عَلَى

    الْمُحْسِنِينَ مِن سَبِيلٍ) الآية.{التوبة: ٩١/٩} ألا ترى أنّه قبل عـذر من لم يجد ما ينفق، وألزم الحجّـة كلّ من

    أمكنته البلغة، والراحلة للحجّ والجهاد وأشباه ذلك، وكذلك قبل عذر الفقراء وأوجب لهم حقّا في مال الأغنياء

    بقوله: (لِلْفُقَرَآءِ الّذِينَ أُحْصِرُواْ فِى سَبِيلِ اللّهِ)، الآيـة.{البقرة: ٢٧٣/٢} فأمر بإعفائهم ولم يكلّفهم الإعداد لما

    لا يستطيعون ولا يملّكون.

    وأمّا قوله في السبب المهيّج؛ فهو النيّة التي هي داعية الإنسان إلى جميع الأفعـال وحاسّتها القلب، فمن فعل

    فعلاً وكان بدين لم يعقد قلبه على ذلك لم ‏يقبل ‏اللّه منه عملاً إلّا بصدق النيّة، ولذلك أخبر عن المنافقين بقوله:

    (يَقُولُونَ بِأَفْوَهِهِم مّا لَيْسَ فِى قُلُوبِهِمْ وَاللّهُ أَعْلَمُ بِمَا يَكْتُمُونَ){آل عمران: ١٦٧/٣} ثمّ أنزل على نبيّه صلى الله

    عليه و آلـه وسلم توبيخا للمؤمنين(يَأَيّهَا الّذِينَ ءَامَنُواْ لِمَ تَقُولُونَ مَا لَاتَفْعَلُونَ) الآية؛ {الصفّ: ٢/٦١} فإذا قال

    الرجل قولاً واعتقد في قوله، دعته النيّة إلى تصديق القول بإظهار الفعل، وإذا لم يعتقد القول لم تتبيّن حقيقته،

    وقد أجاز اللّه صدق النيّة وإن كان الفعل غير موافق لها، لعلّة مانع يمنع إظهار الفعل في قوله: (إِلّا مَنْ أُكْرِهَ

    وَقَلْبُهُ‏ مُطْمَِنّ‏ بِالْإِيمَنِ){النحل: ١٠٦/١٦}. وقوله: (لّايُؤَاخِذُكُمُ اللّهُ بِاللّغْوِ فِى‏ أَيْمَنِكُمْ){البقرة: ٢٢٥/٢}.

    فدلّ القـرآن وأخبار الرسـول صلـى الله عليه وآله وسلم أنّ القلب مالك لجميع الحـواسّ يصحّح أفعالها،

    ولا يبطل ما يصحّح القلب شي‏ءفهذا شـرح جميع الخمسـة الأمثال التي ذكرها الصادق ‏عليه السلام أنّها

    تجمع المنزلة بين المنزلتين، وهما الجبر والتفويض.

    فإذا اجتمع في الإنسان كمال هذه الخمسة الأمثال وجب عليه العمل كمّلاً ، لما أمر اللّه عزّ وجلّ به ورسوله،

    وإذا نقص العبد منها خلّة، كان العمل عنها مطروحا بحسب ذلك.

    فأمّا شواهد القرآن على الاختبار والبلوى بالاستطاعة التي تجمع القول بين القولين فكثيرة.

    ومن ذلك قولـه: (وَلَنَبْلُوَنّكُمْ حَتّـى‏ نَعْلَمَ الْمُجَهِدِينَ مِنكُمْ وَالصّبِرِينَ وَنَبْلُـوَاْ أَخْبَارَكُمْ){محمّد: ٣١/٤٧}. وقـال:

    (سَنَسْتَدْرِجُهُم مِّنْ حَيْثُ لَايَعْلَمُونَ){الأعراف: ١٨٢/٧، والقلم: ٤٤/٦٨} وقال:(الم * أَحَسِبَ النّاسُ أَن يُتْرَكُواْ أَن

    يَقُولُواْ ءَامَنّا وَهُمْ لَايُفْتَنُونَ){العنكبوت: ١/٢٩ و ٢} وقال في الفتن التي معناها الاختبار: (وَلَقَدْ فَتَنّا سُلَيْمَنَ){ص:

    ٣٤/٣٨} وقال في قصّة موسى ‏عليه السلام: (فَإِنّا قَدْ فَتَنّا قَوْمَكَ مِن‏ بَعْدِكَ وَأَضَلّهُمُ السّامِرِىّ)‏{طـه: ٨٥/٢٠}.

    وقول موسى: (إِنْ هِىَ إِلّا فِتْنَتُكَ){الأعراف: ١٥٥/٧}، أي اختبارك.

    فهذه الآيات يقاس بعضها ببعض ويشهد بعضها لبعض.

    وأمّا آيات البلوى بمعنى الاختبار قوله:(لِّيَبْلُوَكُمْ فِى مَـآ ءَاتَكُمْ){المائدة: ٤٨/٥، والأنعام: ١٦٥/٦} وقولـه: (ثُمّ

    صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ){آل عمران: ١٥٢/٣}. وقوله:(إِنّا بَلَوْنَهُمْ كَمَا بَلَوْنَآ أَصْحَبَ الْجَنّةِ){القلم: ١٧/٦٨}. وقوله:

    (خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَوةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيّكُمْ أَحْسَنُ‏ عَمَلاً){الملك: ٢/٦٧}. وقوله: (وَإِذِ ابْتَلَى‏ إِبْرَهِيمَ رَبّهُ‏ بِكَلِمَتٍ) {البقرة:

    ١٢٤/٢}. وقوله: (وَلَوْ يَشَآءُ اللّهُ لَانتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَكِن لِّيَبْلُوَاْ بَعْضَكُم بِبَعْضٍ) {محمّد: ٤/٤٧}. وكلّ ما في القرآن

    من‏ بلوى هذه الآيات التي شرح أوّلها فهي إختبار، وأمثالها في القرآن كثيرة، فهي إثبات الاختبار والبلوى، إنّ

    اللّه عزّ وجلّ لم يخلق الخلق عبثا، ولاأهملهم سدى، ولا أظهر حكمته لعبا وبذلك أخبر في قوله: (أَفَحَسِبْتُمْ‏ أَنّمَا

    خَلَقْنَكُمْ عَبَثًا){المؤمنون: ١١٥/٢٣} فإن قال قائل: فلم يعلم اللّه ما يكون من العباد حتّى اختبرهم؟

    قلنا: بلى! قد علم ما يكون منهم قبل كونه وذلك قولـه:(وَلَوْ رُدّواْ لَعَادُواْ لِمَا نُهُواْ عَنْهُ){الأنعام: ٢٨/٦} وإنّمـا

    اختبرهم ليعلمهم عدله، ولا يعذّبهم إلّا بحجّة بعد الفعل، وقد أخبر بقوله: (وَلَوْ أَنّآ أَهْلَكْنَهُم بِعَذَابٍ مِّن قَبْلِهِ‏ لَقَالُواْ

    رَبّنَا لَوْلَآ أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولًا){طه: ١٣٤/٢٠}. وقوله: (وَمَا كُنّا مُعَذِّبِينَ حَتّى‏ نَبْعَثَ رَسُولًا){الاسراء: ١٥/١٧}.

    وقوله: (رّسُلاً مّبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ){النساء: ١٦٥/٤}. فالاختبار من اللّه بالاستطاعة التي ملّكها عبده، وهو القول

    بين الجبر والتفويض؛ وبهذا نطق القرآن وجرت الأخبار عن الأئمّة من آل ‏الرسول صلى الله عليه و آله وسلم.

    فإن قالوا: ما الحجّة في قول اللّه: (يُضِلّ مَن يَشَآءُ وَيَهْدِى مَن يَشَآءُ){فاطر: ٨/٣٥} وما أشبهها؟

    {في المصدر «سدي من يشاء ويضلّ من يشاء» وليست في القرآن آية هكذا، والصحيح ما أثبتناه في المتن كما

    في الاحتجاج} قيل: مجاز هذه الآيات كلّها على معنيين:

    أمّا أحدهما فإخبار عن قدرته أي إنّه قادر على هداية من يشاء وضـلال من يشـاء، وإذا أجبرهم بقدرته على

    أحدهما لم يجب لهم ثواب، ولا عليهم عقاب على نحو ما شرحنا في، الكتاب.

    والمعنى الآخر أنّ الهداية منه تعريفه كقوله: (وَأَمّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَهُمْ) أي عرّفناهم(فَاسْتَحَبّواْ الْعَمَـى‏ عَلَى الْهُدَى‏)

    {فصّلت: ١٧/٤١} فلو أجبرهم على الهدى‏ لم ‏يقدروا أن يضلّوا، وليس كلّما وردت آية مشتبهة، كانت الآيـة

    حجّـة على محكم الآيات اللواتي أمرنا بالأخذ بها.

    من ذلك قوله:(مِنْهُ ءَايَتٌ مّحْكَمَتٌ هُنّ أُمّ الْكِتَبِ وَأُخَرُ مُتَشَبِهَتٌ فَأَمّا الّذِينَ فِى قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتّبِعُونَ مَا تَشَبَهَ مِنْهُ

    ابْتِغَآءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَآءَ تَأْوِيلِهِ‏ وَمَا يَعْلَمُ) الآية. {آل عمران: ٧/٣} وقـال: (فَبَشِّرْ عِبَادِ * الّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَـوْلَ

    فَيَتّبِعُونَ‏ أَحْسَنَهُ‏) أي أحكمه وأشرحه (أُوْلَِكَ الّذِينَ هَدَهُمُ اللّهُ وَأُوْلَِكَ هُمْ أُوْلُواْ الْأَلْبَبِ) {الزمر: ١٧/٣٩، و١٨}

    وفّقنا اللّه وإيّاكم إلى القول والعمل لما يحبّ ويرضى، وجنّبنا وإيّاكم معاصيه بمنّه وفضله، والحمد للّه كثيرا

    كما هو أهله، وصلّى اللّه على محمّد وآله الطيّبين وحسبنا اللّه ونعم الوكيل.

    {تحف العقـول: ٤٥٨، س ٥ عنه البحـار: ٦٨/٥، ح ١، والدر المنثور للجبعي العاملي: ٢٣٣/١، س ٤،

    وإثبات الهداة: ٥٦٢/١، ح ٤١٩، و١٠٧/٢، ح ٤٤٨، وح ‏٤٤٩، قطعة منه.

    الإحتجـاج: ٤٨٧/٢، ح ٣٢٨، بتفاوت. وفيه: وممّا أجاب به أبو الحسن علـيّ بن محمّد العسكـريّ‏ عليهما

    السلام في رسالته إلى أهل الأهواز.

    عنه مستدرك الوسائل: ٢٥٤/٧، ح ٨١٨١، قطعة منه، والبحار: ٢٢٥/٢، ح ٣، قطعة منه، و٢٠/٥، ح ٣٠،

    بتفاوت. و٩٥، ح ١٩، قطعة منه، و١٨٦/٩، ح ٤، قطعة منه، و١٨٤/٣٥ ح‏٢، قطعة منه، وحليـة الأبرار:

    ٢١/٥، ح ١، والبرهان: ٤٨٣/١، ح ١٩، قطعة منه، و٣٥٨/٣ ح‏ ٢، قطعة منه، و١٠٨/٤، ح ٣، قطعة منه،

    و١٨٨، س ٢٩، قطعة منه، و٣٥٩، ح  ٣، وإثبات‏ الهداة: ٦٠٩/١، ح ٦٠٧، قطعة منه، و١١٩/٢، ح ٤٩٣،

    قطعة منه.

    قطعة منه في(ابتداؤه ‏عليه السلام بالسلام في كتابه) و(تمثّله ‏عليه السلام في كلامـه لتقريب المعاني) و(مدح

    أهل الأهواز الذين كتبوا إليه في الجبر والتفويض) و(الجبر والتفويض) و(إنّ أقاويل الأئمّـة: لاتتجاوز حدود

    القرآن) و(صدقة أمير المؤمنين ‏عليه السلام في الركوع بخاتمه) و(مقدّمات الفقه) و(شرط وجوب الزكـاة) و

    (وجـوب الحـجّ وشرائطه) و(من لا يجب عليه الجهاد) و (حكم إبداء المرأة زينتها للطفل) و(حقيقة القرآن)

    و(سورة البقرة: ٨١/٢، و٨٥ و ١٢٤ و٢٢٥ و٢٧٣ و٢٨٦ وآل عمران: ٧/٣ و٣٠ و٩٧ و١٠٢ و١٥٢ و١٦٧

    والنسـاء: ١٠/٤ و٣٦ و٥٦ و٩٨ و١٠٠ و ١٦٥ والمائدة: ٥٥/٥، و ٥٦ والأنعام: ٢٨/٦، و١٦٠ والأعراف:

    ١٥٥/٧ و١٨٢ والتوبـة: ٩١/٩ ويونس: ٤٤/١٠ والنحـل: ٥/١٦ - ٧ و١٤ و١٠٦ والاسراء: ١٥/١٧ و٧٠

    والكهف: ٤٩/١٨ وطـه: ٨٥/٢٠ و١٣٤ والحـجّ: ١٠/٢٢ و٣٧ والمؤمنون: ١١٥/٢٣ والنور: ٣١/٢٤ و٦١

    والعنكبوت: ١/٢٩ - ٢ والأحـزاب: ٣٦/٣٣، و٥٧ وفاطر: ٨/٣٥ وص: ٣٤/٣٨ والزمر: ٧/٣٩ و١٧ و١٨

    وغافـر:  ١٧/٤٠ وفصّلت: ١٧/٤١ والزخرف: ٣١/٤٣ و٣٢ ومحمّد: ٤/٤٧ و٣١ والذاريات: ٥٦/٥١ و٥٧

    والمجادلة: ٣/٥٨ و٤ والصفّ: ٢/٦١ والتغابن: ١٦/٦٤ والطلاق: ٧/٦٥ والملك: ٢/٦٧ والقلم: ١٧/٦٨ و٤٤

    والانفطار: ٦/٨٢ و٧ و ٨ والتين: ٤/٩٥) و(دعاؤه‏ عليه السلام لأهل الأهـواز) و(موعظـة في صدق النيّة)

    و(موعظة في أوّل نعمة على الإنسان) و (موعظة في طلب الحـقّ) و(ما رواه ‏عليه السلام عن رسـول اللّه

    صلـى الله عليه و آلـه وسلم) و(مارواه عن أمير المؤمنين‏ عليهما السـلام) و(مـا رواه عن الصادق ‏عليهما

    السلام)}.

 

 

 

 

    الثامن - إلى بعض أصحابه:

    (١)-الصفّار رحمه الله؛: حدّثنا بعض أصحابنا، عن أحمد بن محمّد السيّاريّ قال: حدّثني غير واحد من أصحابنا

    قال: خرج عن أبي الحسن الثالث‏ عليه السلام أنّه قال: إنّ اللّه جعل قلوب الأئمّة موردا لإرادته، فإذا شـاء اللّه

    شيئا شاؤه، وهو قول اللّه: (وَمَا تَشَآءُونَ إِلّآ أَن يَشَآءَ اللّهُ){الإنسان: ٣٠/٧٦} {بصائر الرجات: ٥٣٧، ح ٤٧ عنه

    مقدّمة البرهان: ٦٧، س ١٧

    تفسير القمّيّ: ٤٠٩/٢، س٢، وفيه: حدّثنا محمّد بن جعفر قال: حدّثنا محمّد بن أحمد، عن أحمد بن محمّد السيّاريّ.

    عنه البحـار: ١١٤/٥، ح ٤٤، و٣٠٥/٢٤، ح ٤، و٣٧٢/٢٥، ح ٢٣، والبرهـان: ٤٣٥/٤ ح ‏٣، ونـور الثقلين:

    ٥١٩/٥، ح ٣٠.

    مختصر بصائر الدرجات: ٦٥، س ١٨.

    البرهان: ٤١٦/٤، ح ١، و٤٣٥، ح ٥.

    قطعة منه في(قلوب الأئمّة: مورد إرادة اللّه) و(الإنسان: ٣٠/٧٦)}.

 

 

 

 

    (٢)- محمّد بن يعقوب الكلينيّ رحمه الله؛: محمّد بن يحيى وغيره، عن محمّد ابن أحمد، عن بعض أصحابنا قال:

    كتبت إلى أبي الحسن صاحب العسكر عليه السلام: جعلت فداك ، ما معنى قـول الصادق‏ عليه السـلام: حديثنا

    لا يحتمله ملك مقرّب، ولا نبيّ مرسل، ولا مؤمن امتحن اللّه قلبه للإيمان؟

    فجاء الجواب: إنّما معنى قـول الصادق ‏عليه السـلام - أي لا يحتملـه ملك، ولا نبـيّ ولامؤمن، - إنّ الملك

    لا يحتمله حتّى يخرجه إلى ملك غيره ، والنبيّ لايحتمله حتّى يخرجـه إلى نبيّ غيره، والمؤمن لا يحتمله حتّى

    يخرجه إلى مؤمن غيره، فهذا معنى قول جدّي‏ عليه السلام.

    {الكافي: ٤٠١/١، ح ٤ عنه الوافي: ٦٤٥/٣، ح ١٢٣٨.

    قطعة منه في(أحاديث الأئمّة: لا يحتمله ملك مقرّب ولا نبيّ مرسل)}.

 

 

 

 

    (٣)- الشيخ الصدوق رحمه الله؛: روى محمّد بن عبد الجبّار: إنّ بعض أصحابنا كتب على يدي أحمد بن إسحاق

    إلى عليّ بن محمّد العسكريّ‏ عليهما السلام أُعطي الرجل من إخواني من الزكاة الدرهمين والثلاثة.

    فكتب ‏عليه السلام: افعل إن‏شاء اللّه.

    {من لا يحضره الفقيه: ١٠/٢، ح ٢٨ عنه وسائل الشيعة: ٢٥٦/٩، ح ١١٩٥٦، والوافي: ٢٠٧/١٠، ح ٩٤٣٥.

    تقدّم الحديث أيضا في(حكم إعطاء الزكاة للأقارب)}.

 

 

 

 

    (٤)- الشيخ الصدوق رحمـه الله؛: روى عبد اللّه بن جعفر الحميريّ، عن أيّوب بن نوح قال: كتب إليه بعض

    أصحابه: إنّه كانت لي امـرأة ولي منها{كان وكيلاً لأبي الحسن، وأبي محمّد عليهما السلام رجـال النجاشي:

    ٢٥٤/١٠٢، وقال الشيخ في الفهرست: له كتاب وروايات ومسائل عن أبي الحسن الثالث‏ ٥٩/١٦ عليه السلام.

    عدّه الشيخ من أصحاب الرضا، والجواد والهادي:. رجـال الطوسيّ: ٣٦٨ رقم ٢٠، و ٣٩٨ رقم ١١، و٤١٠

    رقم ١٣.

    فعلى هذا، الظاهر أنّ المكتوب إليه هو الهادي ‏عليه السلام وإن كـان غيره محتمل واللّه العالم} ولد، وخلّيت

    سبيلهما.

    فكتب‏ عليه السلام: المرأة أحقّ بالولد إلى أن يبلغ سبع سنين إلّا أن تشاء المرأة.

    {من لا يحضره الفقيه: ٢٧٥/٣، ح ١٣٠٥ عنه وسائل الشيعة: ٤٧٢/٢١، ح ٢٧٦١٦.

    قطعة منه في(حكم حضانة الولد بعد الطلاق)}.

 

 

 

 

    (٥)- أبو عمرو الكشّيّ رحمـه الله؛: حدّثني الحسين بن الحسن بن بندار القمّيّ قال: حدّثنا سهل بن زياد الآدميّ

    قال: كتب بعض أصحابنا إلى أبي‏ الحسن العسكريّ‏ عليه السلام: جعلت فداك يا سيّدي! إنّ عليّ بن حسكة يدّعي

    أنّه من أوليائك وأنّك أنت الأوّل القديم، وأنّه بابك ونبيّك، أمرته أن يدعو إلى ذلك ، ويزعم أنّ الصلاة، والزكاة،

    والحجّ، والصوم، كلّ ذلك معرفتك ومعرفة من كان في مثل حال ابن حسكة فيما يدّعي من البابيّـة، والنبوّة، فهو

    مؤمن كامل، سقط عنه الإستعباد بالصلاة، والصوم، والحجّ، وذكر جميع شرائع الدين، أنّ معنى ذلك كلّه ما ثبت

    لك، ومال الناس إليه كثيرا، فإن رأيت أن تمنّ على مواليك بجواب في ذلك تنجيهم من الهلكة؟

    قال: فكتب‏ عليه السلام: كذب ابن حسكة عليه لعنة اللّه، وبحسبك أنّي لاأعرفه في مواليّ، ماله لعنه اللّه، فواللّه!

    ما بعث اللّه محمّدا، والأنبياء قبله إلّإ؛ بالحنيفيّة، والصلاة، والزكاة، والصيام ، والحجّ، والولاية، وما دعى محمّد

    صلى الله عليه و آله وسلم إلّا إلى اللّه وحده لا شريك له.

    وكذلك نحن الأوصياء من ولده عبيد اللّه لا نشرك به شيئا، إن أطعناه رحمنا، وإن عصيناه عذّبنا، ما لنا على اللّه

    من حجّة؛ بل الحجّة للّه عزّ وجلّ علينا وعلى جميع خلقـه ، أبرء إلى اللّه ممّن يقول ذلك، وانتفي إلى اللّه من

    {انتفى منه: تبرّأ لسان العرب: ٣٣٧/١٥(نفى)} هذا القول، فاهجروهم، لعنهم اللّه، والجؤوهم إلى ضيق الطريق،

    فإن وجدت من أحد منهم خلوة فاشدخ رأسه بالصخر.

    {شدخت رأسه(شدخا): من باب نفع كسرته. المصباح المنير: ٣٠٧ (شدخ)}{رجال الكشّيّ: ٥١٨، رقم ٩٩٧ عنه

    البحار: ٣١٦/٢٥، ح ٨٢، ومقدّمة البرهان: ٦٣، س‏ ٢٢، ووسائل الشيعة: ٣٣٦/٢٨ ح‏ ٣٤٨٩٧.

    قطعة منه في (أمره ‏عليه السلام بقتل عليّ بن حسكـة) و(ذمّ عليّ بن حسكة) و(الكذّابون عليه) و(ما بعث عليه

    رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم) و(ما بعث اللّه عليه الأنبياء:) و(إنّ الأئمّـة: عبيد اللّه) و(حدّ من اعتقد

    الأُلوهيّة للإمام ‏عليه السلام) و(دعاؤه‏ عليه السلام على عليّ بن حسكة)}.

 

 

 

 

    (٦)- الشيخ الطوسيّ رحمه الله؛: محمّد بن أحمد بن يحيى، عن العبّاس،{الظاهـر أنّ المراد من «العبّاس» هو

    «العبّاس بن معروف» الذي يروي عنه محمّد بن يحيى؛ ويحتمل أن يكون المراد من«بعض أصحابنا» هو«عليّ

    بن مهزيار الأهوازي» وله كتب عديدة إلى الجواد والهادي‏ عليهما السلام} عن بعض أصحابنا، قال: كتبت إليه:

    جعلت فداك، إنّ امرأة أوصت إلى امـرأة، ودفعت إليها خمسمائـة درهم، ولها زوج وولد، فأوصتها أن تدفع

    سهما منها إلى بعض بناتها، وتصرف الباقي إلى الإمام.

    فكتب عليه السلام: تصرف الثلث من ذلك إليّ، والباقي يقسم على سهام اللّه عزّوجلّ بين الورثة.

    {تهذيب الأحكام: ٢٤٢/٩، ح ٩٣٨ عنه الوافي: ٤٨/٢٤، ح  ٢٣٦٣٨

    الاستبصار: ١٢٦/٤، ح ٤٧٥ عنه وعن التهذيب والمقنع، وسائل الشيعة: ٢٧٧/١٩، ح ٢٤٥٨٨.

    قطعة منه في(حكم الوصيّة بالثلث وما زاد عليه)}.

 

 

 

 

    (٧)- ابن إدريس الحلّيّ رحمه الله؛: أبو عبد اللّه أحمد بن محمّد بن عبيد اللّه ابن الحسن بن عبّاس الجوهريّ،

    وعبد اللّه بن جعفر الحميريّ، عن أيّوب ابن نـوح قال: كتب‏[يعني عليّ بن محمّد عليهما السـلام] إلى بعض

    أصحابنا: عاتب‏{أثبتناه من وسائل الشيعة} فلانا وقل له: إنّ اللّه إذا أراد بعبد خيرا إذا عوتب قبل.

    {السرائر: ٥٨١/٣، س ٨ عنه وسائل الشيعة: ١٨/١٢، ح ١٥٥٢٩.

    تحف العقول: ٤٨١، س ١٠، مرسلاً. عنه مستدرك الوسائل: ٣٢٩/٨، ح ٩٥٧٧.

    قطعة منه في(موعظة في قبول نصح الغير)}.

 

 

 

 

    (٨)- المحدّث القمّيّ رحمه الله؛: عن سهل بن زياد قال: كتب إليه[أي أبي‏ الحسن الهادي‏ عليه السـلام] بعض

    أصحابنا يسأله أن يعلّمه دعـوةً جامعـة{أورده المحدّث القمّـيّ في فصل من كـلام أبي الحسن الهادي‏ عليه

    السلام} للدنيا والآخرة.

    فكتب‏ عليه السلام إليه: أكثر من الاستغفار والحمد، فإنّك تدرك بذلك الخير كلّه.

    {الأنوار البهيّة: ٢٨٧، س ٨، عن الدرّ النظيم.

    تقدّم الحديث أيضا في(موعظة في الاستغفار)}.

 

 

 

 

    (٩)- العامليّ الإصبهانيّ رحمه الله؛: في مكاتبة أبي الحسن الهادي‏ عليه السلام إلى بعض أصحابه: إنّ شيعتنا

    المكتوبون بأسمائهم، وأسماء آبائهم عندنا، ليس على ملّة إبراهيم غيرنا وغيرهم.

    {مقدّمة البرهان: ٣٠٣، س ٣٤.

    تقدّم الحديث أيضا في(عند الأئمّة: أسماء الشيعة وآبائهم)}.

 

 

 

 

    (١٠)- العامليّ الإصبهانيّ رحمه الله؛: وفي مكاتبة الهادي ‏عليه السلام إلى بعض أصحابه قال: الشجرة المباركة

    عليّ بن أبي طالب عليه السلام.

    {مقدّمة البرهان: ١٧، س ٢٧.

    تقدّم الحديث أيضا في(إنّ عليّ عليه السلام هو الشجرة المباركة في القرآن)، و(سورة النور: ٢٤/٣٥)}.

 

 

 

 

    (١١)- العامليّ الإصبهانيّ رحمـه الله؛: فى مكاتبة الهادي‏ عليه السلام: نحن أفراط{الفرط: العلم المستقيم يُهتدى

    به، والجمع أفراط وأفرُط، ولعلّ منه حديث أهل البيت:«نحـن أفراط الأنبياء وأبناء الأوصياء». مجمع البحرين:

    ٢٦٥/٤ (فرط)} الأنبياء.

    {مقدّمة البرهان: ٢٥٩ س ١٧.

    تقدّم الحديث أيضا في(إنّ الأئمّة: أفراط الأنبياء)}.

 

 

 

 

    التاسع - إلى رجل من أهل المدائن:

    (١)- الحسين بن عبد الوهّاب ؛: روي: أنّ رجـلاً من أهل المدائن كتب إليه يسأله عمّا بقي من ملك المتوكّل.

    فكتب‏ عليـه السـلام: بسم اللّه الرحمن الرحيم(قَالَ تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَبًا فَمَا حَصَدتّمْ فَذَرُوهُ فِـى سُنبُلِهِ‏ إِلّا

    قَلِيلاً مِّمّا تَأْكُلُونَ * ثُمّ يَأْتِى مِن‏ بَعْدِ ذَلِكَ سَبْعٌ شِدَادٌ يَأْكُلْنَ مَا قَدّمْتُمْ لَهُنّ إِلّا قَلِيلاً مِّمّا تُحْصِنُونَ * ثُمّ يَأْتِى مِن‏ بَعْدِ

    ذَلِكَ عَامٌ فِيهِ يُغَاثُ النّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ){يوسف: ٤٧/١٢، ٤٨ و ٤٩} فقتل في أوّل خامس عشر.

    {عيون المعجزات: ١٣٥، س ١٦ عنه مدينـة المعاجـز: ٤٦١/٧، ح ٢٤٦٦،

    والبحار: ١٨٥/٥٠، ضمن ح ٦٣، وإثبات الهداة: ٣٨٣/٣، ح ٦٧، باختصار.

    الهداية الكبرى: ٣٢٠، س ١٧، بتفاوت يسير. عنه مدينة المعاجز: ٥٣٣/٧، ضمن ح ٢٥١٧.

    إثبات الوصيّة: ٢٣٩، س ٢٠.

    تقدّم الحديث أيضا في(إخباره‏ عليه السلام بأجل المتوكّل)، و(سورة يوسف: ٤٧/١٢ و٤٨ و٤٩)}.

 

 

 

    العاشر - إلى رجل:

    (١)- محمّد بن يعقوب الكلينيّ رحمه الله؛: أحمد بن إدريس، عن محمّد بن عبد الجبّار، عن عليّ بن مهزيار،

    عن رجل سأل الماضي‏ عن الصلاة{قال العلّامة المجلسيّ‏ قدس سره: واعلم! أنّ عبارات هـذا الخبر لا يخلو

    من تشويش ، والذي يمكن توجيهه به هـو أنّ عليّ بن مهزيار كتب إلى أبي الحسن الثالث وإلـى العسكريّ‏

    عليهما السلام، وسأل عن تفسير الخبر الذي ورد عن أبي الحسن الثالث أو الثاني،فأجاب‏ عليه السلام بالتفسير

    تقيّة حيث خصّ النهي بالذي يلصق به الجلد، لأنّ جواز الصلاة في الوبر عندهم مشهـور، وأمّا الجلد فيمكن

    التخلّص باعتبار كونه ميتة غالبا، فتكون التقيّة فيه أخف.

    ويقـول محمّد بن عبد الجبّار: أنّ أبا الحسن أي عليّ بن مهزيار بعد ما لقيه ‏عليه السـلام سأل عنه مشافهة

    فأجاب‏ عليه السلام بغير تقيّة ولم يخصّه بالجلد.

    هذا على نسخة لم يوجد فيها«عليه السلام»، وأمّا على تقديره كما في بعض النسخ فيمكن توجيهه على نسخة

    الماضي بأن يكون المكتوب إليه والذي سأل عنه الرجل واحدا، وهـو أبوالحسن الثالث‏ عليه السلام ويكـون

    المعنى أنّ عليّ بن مهزيار يقـول: إنّي لما لقيت أبا الحسن‏ عليه السـلام ذكر لي أن السائل الذي سألت عنه

    ‏عليه السلام عن تفسير مسألته أجابه ‏عليه السلام بالتفصيل حين سألـه عنها، فلم ينقله وجواب المكاتبة صدر

    عنه ‏عليه السلام تقيّة؛ هذا غاية توجيه الكلام واللّه أعلم بالمرام. مرآة العقول: ٣١١/١٥ و٣١٢} في الثعالب

    فنهى عن الصلاة فيها، وفي الثوب الذي يليها فلم أدر أيّ الثوبين الذي يلصق بالوبر، أو الذي يلصق بالجلد.

    فوقّع‏ عليه السلام بخطّه: الذي يلصق بالجلد. قال: وذكر أبو الحسن‏ عليه السلام أنّه سأله عن هذه المسألة؟

    فقال: لا تصلّ في الثوب الذي فوقه ولا في الذي تحته.

    {الكافي: ٣٩٩/٣، ح  ٨

    تهذيب الأحكام: ٢٠٦/٢، ح ٨٠٨.

    الاستبصار:  ٣٨١/١، ح ١٤٤٦، وفيه: سأل الرضا عليه السلام عنه وعن التهذيب والكافي، وسائل ‏الشيعـة:

    ٣٥٧/٤، ح ٥٣٨٢.

    قطعة منه في(الصلاة في الثوب المصنوع من وبر الثعالب)}.

 

 

 

 

    (٢)- محمّد بن يعقـوب الكلينيّ رحمه الله؛: سهل بن زياد، عن أحمد بن إسحاق الرازيّ قال: كتب رجل إلى

    أبي الحسن الثالث‏ عليه السلام: رجل استأجر ضيعة من رجل فباع المؤاجر تلك الضيعة التي آجرها بحضرة

    المستأجر ولم ‏ينكر المستأجر البيع، وكان حاضرا له شاهدا عليه، فمات المشتري وله ورثة ، أيرجع ذلك في

    الميراث؟ أو يبقى في يد المستأجر إلى أن تنقضي إجارته؟

    فكتب‏ عليه السلام: إلى أن تنقضي إجارته.

    {في الفقيه: يثبت في يد المستأجر إلى}{الكافي: ٢٧١/٥، ح ٣ عنه وسائل الشيعة: ١٣٦/١٩، ح ٢٤٣١٠.

    تهذيب الأحكام: ٢٠٧/٧، ح ٩١٠، وفيه: إبراهيم بن محمّد الهمدانيّ قال: كتبت إلى أبي ‏الحسن ‏عليه السلام.

    من لا يحضره الفقيه: ١٦٠/٣، ح ٧٠١، وفيه: كتب أبو همّام إلـى أبي الحسن ‏عليه السلام، وهـو يروي

    عن الكاظم والرضا عليهما السلام.

    قطعة منه في(حكم من يؤاجر أرضا ثمّ يبيعها قبل انقضاء الأجل أو يموت) و(حكم انتقال العين المستأجرة

    المشتراة قبل انقضاء الإجارة إلى الورثة)}.

 

 

 

 

    ٣ - المسعوديّ رحمه الله؛: حدّثني بعض الثقات قال: كان بين المتوكّل وبين بعض عمّاله من الشيعة معاملة،

    فعملت له مؤامرة ألزم فيها ثمانون ألف درهم.

    فقال المتوكّل: إن باعني غلامه الفلاني بهذا المال، فليؤخذ منه ويخلّي له السبيل... .

    فقلت في نفسي: واللّه! ما بعته غلاما، وقد ربّيته،... قلت للعدول: اشهدوا أنّه حرّ لوجه اللّه.

    فكتب عبيد اللّه بن يحيى بالخبر، فخـرج التوقيع أن يقيّد بخمسين رطـلاً ويغلّ بخمسين ويوضع في أضيق

    الحبوس... وكتبت بعد ذلك بخبري إلى أبي‏ الحسن‏ عليه السلام.

    فوقّع إليّ: لا واللّه! لا يكون الفرج حتّى تعلم أنّ الأمر للّه وحده... .

    {إثبات الوصيّة: ٢٤١، س ٣.

    تقدّم الحديث بتمامه في ج ١، رقم ٣٥٥}.

 

 

 

 

    (٤)- الشيخ الصدوق رحمه الله؛: روي عن داود الصرميّ، أنّه قال: سأل رجل أبا الحسن الثالث‏ عليه السلام،

    عن الصلاة في الخزّ يغشّ بوبر الأرانب.

    فكتب‏ عليه السلام: يجوز ذلك.

    {من لا يحضره الفقيه: ١٧٠/١، ح ٨٠٥.

    تهذيب الأحكام: ٢١٣/٢، ح ٨٣٤، وفيه: سعد بن عبد اللّه، عن أحمد وعبد اللّه ابني محمّد بن عيسى، عن داود

    الصرميّ، و٢١٢، ح ٨٣٣، وفيه: قال: سألته مضمرا.

    الاستبصار: ٣٨٧/١، ح ١٤٧١، وفيه: محمّد بن أحمد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن داود الصرمـيّ قال:

    حدّثني بشير بن يسار قال: سألته.

    عنه وعن التهذيب والفقيه، وسائل الشيعة: ٣٦٢/٤، ح ٥٣٩٤.

    البحار: ٢٢٠/٨٠، س ١٧.

    الاحتجاج: ٥٨٩/٢، س ١، وفيه: عن صاحب العسكر عليه السـلام عنه وسائل الشيعـة: ٣٦٦/٤، ح ٥٤٠٩،

    والبحار: ١٧٠/٥٣، س ١، و٢٢٣/٨٠، ح ١١.

    تقدّم الحديث أيضا في(حكم الصلاة في الخزّ المغشوش بوبر الأرانب)}.

 

 

 

 

    (٥)- الشيخ الطوسيّ رحمه الله؛: ما أخبرني به الشيخ أيّده اللّه تعالى، عن أبي القاسم جعفـر بن محمّد، عن

    محمّد بن يحيى، وأحمد بن إدريس، عن محمّد ابن أحمد بن يحيى، عن محمّد بن عيسى، عن فارس قال: كتب

    إليه رجـل‏{هو فارس بن حاتم القزوينـيّ الذي ذكره النجاشي في رجالـه: ٣١ رقم ٨٤٨، وعدّه الشيخ من

    أصحاب الهادي عليه السلام رجال الطوسيّ: ٤٢٠ رقم ٣.

    قتل في زمن أبي الحسن العسكريّ بأمر منه‏ عليه السلام رجال الكشّيّ: ٥٢٤ رقم ١٠٠٦.

    صرّح الشيخ‏ قدس سـره بأنّ المراد من المكتوب إليه هـو صاحب العسكر عليه السـلام التهذيب: ٢٨٤/١،

    ح ٨٣١ وقال المحقّق التستري قدس سره: العسكريّ المطلق ينصرف عند القدمـاء إلى الهادي عليه السـلام

    قاموس الرجال: ٣٦٥/٨.

    فالظاهر أنّ الضمير في«إليه» يرجـع إلى أبي الحسن الهادي‏ عليه السـلام} يسأله عن ذرق الدجاج تجـوز

    الصلاة فيه؟

    {ذرق الطائر: خرؤه. مجمع البحرين: ١٦٥/٥ (ذرق)} فكتب عليه السلام: لا.

    {تهذيب الأحكام: ٢٦٦/١، ح ٧٨٢.

    الاستبصار: ١٧٨/١، ح ٦١٩ عنه وعن التهذيب، وسائل الشيعـة: ٤١٢/٣، ح ٤٠١٧، والوافـي: ١٩٨/٦،

    ح ٤٠٩٩.

    عوالي اللئالي: ٥٣/٣، ح ١٥١.

    قطعة منه في(حكم الصلاة في الثوب الذي فيه ذرق الدجاج)}.

 

 

 

 

    (٦)- الشيخ الطوسيّ رحمه الله؛: محمّد بن عليّ بن محبوب، عن رجل قال:{عدّه السيّد البروجردي‏ قدس سره

    من كبار الطبقة الثامنة. الموسوعة الرجاليّة: ٩٥٤/٧.

    وقال: والغالب في هده الطبقة هو كون ولادتهم في حدود سنة ثلاثين إلى خمسين ومائتين ووفاتهم في حـدود

    ثلاثمائة إلى عشرة وثلاثمائة. الموسوعة الرجاليّة: ١١٢/١.

    فالظاهـر أنّ المـراد من الفقيـه إمّا أبو محمّد العسكريّ‏ عليه السلام فيما إذا كـان الكاتب في طبقته، وإمّا

    أبوالحسن الهادي‏ عليه السـلام فيما إذا كان دون طبقتـه، حيث أنّ الرواة عن أبي الحسن الثالث وأبي‏ محمّد

    عليهما السلام جلّهم من السابعة، وربما شاركهم في الأوّل بعض من صغار السادسـة، وفي الثاني شـاذّ من

    كبار الثامنة أيضا. الموسوعة الرجاليّة: ١١٣/١.

    وإن كان الثاني أظهر حيث أنّ الفقيه في الروايات يطلق على الكاظم وأبي الحسن العسكريّ والقائم:. جامـع

    الرواة:  ٤٦١/٢} كتبت إلى الفقيه ‏عليه السلام في رجل اشترى من رجـل نصف دار مشاعا غير مقسـوم،

    وكان شريكه الذي له النصف الآخر غائبا، فلمّا قبضها وتحوّل عنها، تهدّمت الدار، وجاء سيل جارف فهدّمها

    وذهب بها، فجاء شريكه‏{سيلٌ(جُراف): وزان غراب يذهب بكلّ شي‏ء. المصباح المنير: ٩٧(جرف)} الغائب،

    فطلب الشفعة من هذا، فأعطاه الشفعة على أن يعطيه ماله كمّلاً الذي نقد في ثمنها، فقال له: ضع عنّي قيمـة

    البناء، فإنّ البناء قد تهدّم وذهب به السيل، ما الذي يجب في ‏ذلك؟

    فوقّع‏ عليه السلام: ليس له إلّا الشراء والبيع الأوّل إن‏شاء اللّه.

    {تهذيب الأحكام: ١٩٢/٧، ح ٨٥٠ عنه وسائل الشيعة: ٤٠٥/٢٥، ح ٣٢٢٣١.

    قطعة منه في(حكم ما لو تلف بعض المبيع قبل الأخذ بالشفعة)}.

 

 

 

 

    (٧)- الشيخ الطوسيّ رحمـه الله؛: محمّد بن عليّ بن محبوب قال: كتب‏{تقدّمت ترجمته في الحديث السابق}

    رجل إلى الفقيه‏ عليه السلام: رجل أوصى لمواليه وموالي أبيه بثلث ماله، فلم يبلغ ذلك؟

    قال ‏عليه السلام: المال لمواليه وسقط موالي أبيه.

    {تهذيب الأحكـام: ٢٤٤/٩، ح ٩٤٨ عنـه وسائل الشيعـة: ٤٠٢/١٩، ح ٢٤٨٤٦، والوافـي: ١٥٤/٢٤،

    ح ٢٣٨١٢.

    تقدّم الحديث أيضا في(حكم من أوصى بالثلث لمواليه وموالي أبيه ولم يبلغ المال)}.

 

 

 

 

    (٨)- الشيخ الطوسيّ رحمه الله؛: الصفّار، عن محمّد بن عيسى قال: كتب‏{تقدّمت ترجمته في الحديث الأوّل

    من كتبه ‏عليه السلام إليه} إليه رجل: هل يجب الوضوء، ممّا خرج من الذكر بعد الاستبراء؟

    فكتب‏ عليه السلام: نعم!

    {الاستبصار: ٤٩/١، ح ١٣٨.

    تهذيب الأحكام: ٢٨/١، ح ٧٢ عنه الوافي: ١٤٨/٦، ح ٣٩٧٣.

    قطعة منه في(حكم البلل المشتبه بعد الإستبراء)}.

 

 

 

 

    (٩)- الشيخ الطوسـيّ رحمـه الله؛: الحسين بن سعيد قال: قرأت بخطّ رجـل أعرفه إلى أبي الحسن‏ عليه

    السـلام، وقرأت جواب أبي الحسن ‏عليه السلام بخطّه، هل على رجل لعب بغلام بين فخذيه حدّ، فإنّ بعض

    العصابة روى: أنّه لا بأس بلعب الرجل بالغلام بين فخذيه.

    فكتب‏ عليه السلام: لعنة اللّه على من فعل ذلك.

    وكتب أيضا هذا الرجل، ولم أقرأ الجواب: ما حدّ رجلين نكح أحدهما الآخر طوعا بين فخذيه، وما توبته؟

    فكتب ‏عليه السلام: القتل.

    وما حدّ رجلين وجدا نائمين في ثوب واحد؟

    فكتب‏ عليه السلام: مائة سوط.

    {الاستبصار: ٢٢٢/٤، ح ٨٢٩.

    تهذيب الأحكام: ٥٦/١٠، ح ٢٠٤ عنه وعن الاستبصار، وسائل الشيعة: ١٥٤/٢٨، ح ٣٤٤٤٩.

    قطعة منه في(حكم من لعب بين فخـذي الغلام) و(حدّ من نكح بين فخذي رجـل طوعا) و(حدّ رجلين وجدا

    نائمين في ثوب واحد) و(دعاؤه ‏عليه السلام على من لعب بالغلام)}.

 

 

 

 

    (١٠)- السيّد ابن طاووس رحمـه الله؛: محمّد بن يعقوب الكلينيّ في كتاب (الرسائل) عمّن سمّاه قال: كتبت

    إلى أبي الحسن‏ عليه السلام: إنّ الرجل يجب‏{في البحار: يحبّ وكذا بعده} أن‏ يفضي إلى إمامه، ما يجب أن

    يفضي به إلى ربّه.

    {الافضاء في الحقيقـة الانتهاء؛ ومنه قوله تعالى:«وكيف تأخذونه وقد أفضى بعضكم إلى بعض»: أي انتهى

    وأوى. لسان العرب: ١٥٧/١٥ (فضا)} قال: فكتب ‏عليه السـلام: إن كانت لك حاجـة فحـرّك شفتيك، فإنّ

    الجواب يأتيك.

    {كشف المحجّة: ٢١١، س ١٢ عنه البحار: ١٥٥/٥٠، ح  ٤٢

    البحار: ٣٠٦/٥٣، س ١، عن كتاب الرسائل للكليني.

    تقدّم الحديث أيضا في (التوسّل بالأئمّة:)}.

 

 

 

 

    الحادي عشر - إلى من سأل عن التوحيد:

    (١)- أبو منصور الطبرسـيّ رحمه الله؛: سئل أبوالحسن ‏عليه السلام عن التوحيد{في البحار: أبوالحسن عليّ

    بن محمّد عليهما السـلام وفي الفصول المهمّة: أبو الحسن العسكريّ‏ عليه السلام} فقيل له: لم يزل اللّه وحده

    لا شي‏ء معه، ثمّ خلق الأشياء بديعا واختار لنفسه الأسماء، ولم تزل الأسماء والحروف له معه قديمه؟

    فكتب‏ عليه السـلام: لم يزل اللّه موجودا ثمّ كوّن ما أراد، لا رادّ لقضائه، ولامعقّب لحكمـه، تاهت أوهـام

    المتوهّمين، وقصر طـرف الطارفين،{يُقال تاه فـي الأرض: ذهـب متحيّرا. مجمع البحرين:  ٣٤٤/٦(تيه)}

    وتلاشت أوصاف الواصفين، واضمحلّت أقاويل المبطلين عن الدرك لعجيب شأنـه، أو الوقوع بالبلـوغ على

    علّـو مكانه، فهو بالموضع الذي لايتناهـى، وبالمكـان الذي لم يقع عليه عيـون بإشارة ولا عبارة، هيهات،

    هيهات!{الاحتجاج: ٤٨٥/٢، ح ٣٢٥

    عنه البحار:  ١٦٠/٤، ح ٤، و٨٣/٥٤، ح ٦٤، والفصول المهمّة للحـرّ العاملي: ١٥١/١ ح‏ ٦٥، قطعة منه،

    و١٥٣، ح ٦٨، قطعة منه.

    قطعة منه في(صفات اللّه عزّ وجلّ)}.

 

 

 

 

    الثاني عشر - إلى قاتل فارس بن حاتم القزوينيّ:

    (١)- أبو عمرو الكشّيّ رحمـه الله؛: حدّثني الحسين بن الحسن بن بندار القمّيّ قال: حدّثني سعد بن عبد اللّه

    بن أبي خلف القمّـيّ قـال: حدّثني محمّد ابن عيسى ابن عبيد: أنّ أبا الحسن العسكريّ‏ عليه السلام أمر بقتل

    فارس بن حاتم القزوينيّ وضمن لمن قتله الجنّة، فقتله جنيد. وكان فارس فتّانا يفتن الناس، ويدعو إلى ‏البدعة.

    فخرج من أبي الحسن ‏عليه السلام: هـذا فارس! لعنه اللّه يعمل من قبلي فتّانا داعيا إلى البدعة، ودمـه هدر

    لكلّ من قتله، فمن هذا الذي يريحني منه ويقتله وأنا ضامن له على اللّه الجنّة.

    {رجال الكشّيّ: ٥٢٣، رقم ١٠٠٦ عنه وسائل الشيعة: ١٢٤/١٥، ح ٢٠١٢٧، و٣٢٠/٢٨، ح ٣٤٨٥٨.

    منهج المقال: ٢٥٧، س ٢٦.

    قطعة منه في(أمره ‏عليه السلام بقتل فارس بن حاتم القزوينيّ) و(الشفاعـة لقاتلي أهل البدع) و(حدّ الدعـاة

    إلى البدعة) و (قتل الدعاة إلى البدعة) و(دعاؤه‏ عليه السلام على فارس بن حاتم القزوينيّ) و(ذمّ فـارس بن

    حاتم القزوينيّ)}.

 

 

 

 

    الثالث عشر - كتابه ‏عليه السلام في دَين الأعرابيّ:

    ١- ابن الصبّاغ رحمه الله: إنّ أبا الحسن[عليه السلام] كان قد خرج يوما من سرّ من‏ رأى... فجاء رجل من

    بعض الأعراب يطلبه ... فلّما وصل إليه قال‏ عليه السلام له: ما حاجتك؟

    فقال له: أنا رجل... ركبتني ديون فادحة أثقل ظهري حملها... فأخذ أبوالحسن ورقة، وكتب فيها بخطّـه دينا

    عليه للأعرابي بالمذكور... .

    {الفصول المهمّة: ٢٧٨، س ٧.

    تقدّم الحديث بتمامه في ج ١، رقم  ٤٩٤}.

 

الصفحة التالية

الفهرست

الصفحة السابقة