١١- عليّ بن إبراهيم القمّيّ رحمه الله: قال: حدّثني أبي قال: أمر المعتصم أن يحفر بالبطائية(البطانية) بئر،

    فحفروا ثلاثمائة قامةً فلم يظهر الماء فتركه ولم ‏يحفره.

    فلمّا ولّى المتوكّل أمر أن يحفر ذلك البئر أبدا حتّى يبلغ الماء، فحفروا حتّى وضعوا في كلّ مائة قامة بكرة،

    حتّى انتهوا إلى صخرة فضربوها بالمعول فانكسرت فخرج منها ريح باردة فمات من كان بقربها.

    فأخبروا المتوكّل بذلك فلم يعلم بذلك ما ذاك.

    فقالوا: سل ابن الرضا عن ذلك، وهو أبو الحسن عليّ بن محمّد عليهما السلام فكتب إليه يسأل عن ذلك.

    فقال أبو الحسن‏ عليه السلام: تلك بلاد الأحقاف، وهم قوم عاد الذين أهلكهم اللّه بالريح الصرصر.

    {تفسير القمّيّ: ٢/٢٩٨، س ٩.

    يأتي الحديث أيضا في ج ٣، رقم ٩٤٩}.

 

 

 

    (١٢)- المسعوديّ رحمه الله؛: حدّث أبو عبد اللّه محمّد بن عرفة النحويّ قال: حدّثنا محمّد بن يزيد المبرّد

    قال: قال المتوكّل لأبي الحسن عليّ بن محمّد بن عليّ بن موسى بن جعفر بن محمّد بن عليّ بن أبي طالب

    رضي اللّه عنهم: ما يقول

    ولد أبيك في العبّاس بن عبد المطّلب؟ قال: وما يقول ولد أبي يا أمير المؤمنين في رجل افترض اللّه طاعة

    بنيه ‏على خلقه، وافترض ‏{في كشف الغمّة والأنوار البهيّة: نبيّه، وهو غير صحيح} طاعته على بنيه؟ فأمر

    له بمائة ألف درهم، وإنّما أراد أبو الحسن طاعة اللّه على بنيه، فعرّض.

    {مروج الذهب: ٤/٩٣، س ٨ عنه إحقاق الحقّ: ١٩/٦١٨، س ٨، والأنوار البهيّة: ٢٩٤، س ١٣.

    كشف الغمّة: ٢/٣٧٦، س ٥، وفيه: عليّ بن يحيى بن أبي منصور قال: كنت يوما بين يدي المتوكّل،....

    عنه البحار: ٥٠/٢٠٦، ح ٢٠}.

 

 

 

    (١٣)- المسعوديّ رحمه الله؛: حدّثنا ابن الأزهر قال: حدّثني القاسم بن عباد قال: حدّثني يحيى بن هرثمة

    قال: وجّهني المتوكّل إلى المدينة لإشخاص عليّ بن محمّد بن عليّ بن موسى بن جعفر: لشي‏ء بلغه عنه؛

    فلمّا صرت إليها ضجّ أهلها، وعجّوا ضجيجا وعجيبا ما سمعت مثله ، فجعلت أسكّنهم وأحلف لهم أنّي لم

    أُومر فيه بمكروه، وفتّشت بيته ، فلم ‏أجد فيه إلّا مصحفا ودعاءً، وما أشبه ذلك، فأشخصته وتولّيت خدمته

    وأحسنت عشرته.

    فبينا أنا[نائم‏] يوما من الأيّام، والسماء صاحية، والشمس طالعة؛ إذركب وعليه ممطر، وقد عقد ذنب دابّته،

    فعجبت من فعله، فلم يكن بعد ذلك إلّا هنيهةً حتّى جـاءت سحابـة فأرخت عزاليها، ونالنا من المطر أمر

    عظيم جدّا.

    فالتفت إليّ، وقال: أنا أعلم أنّك أنكرت ما رأيت، وتوهّمت أنّي علمت من الأمـر ما لا تعلمه، وليس ذلك

    كما ظننت، ولكن نشأت بالبادية،فأنا أعرف الرياح التي يكون في عقبها المطر. فلمّا أصبحت هبّت ريح لا

    تخلف، وشممت منها رائحـة المطر، فتأهّبت لذلك. فلمّا قدمت مدينـة السـلام بدأت بإسحاق بن إبراهيم

    الطاهريّ - وكان على بغداد -.

    فقال لي: يا يحيى! إنّ هذا الرجل قد ولّده رسول اللّه ‏صلى الله عليه و آله وسلم، والمتوكّل من تعلم، وإن

    حرضته على قتله كان رسول اللّه ‏صلى الله عليه و آله وسلم خصمك.

    فقلت: واللّه! ما وقفت له إلّا على كلّ أمر جميل. فصرت إلى سامرّا، فبدأت بوصيف التركيّ، وكنت من

    أصحابه.

    فقال: واللّه! لئن سقطت من رأس هذا الرجل شعرة لا يكون المطالب بهـا غيري ، فعجبت مـن قولهما،

    وعرّفت المتوكّل ما وقفت عليه، وما سمعته من الثناء عليه، فأحسن جائزته، وأظهر برّه وتكرمته.

    {مروج الذهب: ٤/١٧٠، س ٦ عنه الأنوار البهيّة: ٢٨٨، س ٩، وإحقاق الحقّ: ١٩/٦١٥، س ٣.

    تذكرة الخواصّ: ٣٢٢، س ٤، بتفاوت. عنه أعيان الشيعة: ٢/٣٧، س ٣٢.

    قطعة منه في (ما كان عنده‏ عليه السـلام من أموال الدنيا) و(لباسه ‏عليه الـسلام) و(مركبه‏ عليه السلام)

    و(ضجّة أهـل المدينة لإحضاره‏ عليه السـلام المتوكّل) و (علمه عليه السـلام بالرياح ومجيئى المطر)

    و(إخباره عليه السلام بما في الضمائر)}.

 

 

 

 

    (١٤) - المسعوديّ رحمه الله؛: وكتب بريحة العبّاسيّ صاحب الصلاة بالحرمين إلى المتوكّل: إن كان لك

    في الحرمين حاجة فأخرج عليّ بن محمّد منهما، فإنّه قد دعا إلى نفسه ، واتّبعه خلق كثير. وتابع بريحـة

    الكتب في هذا المعنى، فوجّه المتوكّل بيحيى بن هرثمة،وكتب معه إلى أبي الحسن‏ عليه السلام كتابا جميلاً

    يعرّفه أنّه قد اشتاقه ويسأله القدوم عليه، وأمر يحيى بالمسير معه كما يجب، وكتب إلى بريحة يعرّفه ذلك.

    فقدم يحيى بن هرثمة المدينـة، فأوصل الكتاب إلى بريحـة، وركبا جميعا إلى أبي ‏الحسن ‏عليه السـلام،

    فأوصلا إليه كتاب المتوكّل ، فاستأجلهما ثلاثافلمّا كان بعد ثلاث عاد إلى داره، فوجـد الدواب مسرجة،

    والأثقال مشدودة قدفرغ منها. وخرج صلّى اللّه عليه متوجّها نحو العراق، واتّبعه بريحة مشيّعا، فلمّا صار

    في بعض الطـريق قال له بريحـة: قد علمت وقوفك على أنّي كنت السبب في حملك، وعليّ‏ حلف بأيمان

    مغلظة، لئن شكوتني إلى أمير المؤمنين ، أو إلى أحد من خاصته، وأبنائه لأجمرنّ نخلك، ولأقتلنّ مواليك،

    ولأعـورنّ عيون ضيعتك، ولأفعلنّ، ولأصنعنّ. فالتفت إليه أبو الحسن‏ عليه السـلام فقـال له: إنّ أقرب

    عرضي إيّاك على البارحة، وما كنت لأعرضنّك عليه ثمّ لأشكونّك إلى غيره من خلقه.

    قال: فانكبّ عليه بريحة، وضرع إليه، واستعفاه.

    فقال له: قد عفوت عنك.

    {إثبات الوصيّة: ٢٣٣، س ٧ عنه أعيان الشيعة: ٢/٣٧، س ٢٩.

    عيون المعجزات: ١٣٣، س ١٧، بتفاوت.

    قطعة منه في (عفوه‏ عليه السلام عمّن ظلمه)}.

 

 

 

 

    (١٥)- المسعوديّ رحمـه الله؛: ووجّه‏[المتوكّل‏] إلى أبي الحسن‏ عليه السـلام بثلاثين ألف درهـم، وأمره

    أن يستعين بها في بناء دار فخطّت، ورفع أساسها رفعا يسيرا.

    فركب المتوكّل يومـا يطـوف في الأبنية، فنظر إلى داره لم ترتفع، فأنكر ذلك وقال لعبيد اللّه بن يحيى بن

    خاقان وزيره: عليّ‏ وعليّ... يمينا أكدّها... لئن ركبت ولم ترتفع دار عليّ بن محمّد  لأضربنّ عنقه.

    فقال له عبيد اللّه بن يحيى: يا أمير المؤمنين لعلّه في ضيقة.

    فأمر له بعشرين ألف درهم، فوجّه بها عبيد اللّه مع ابنه أحمد، وقال: حدّثه بما جـرى؛ فصار إليه فأخبره

    بالخبر، فقال: إن ركب إلى البناء.

    فرجع أحمد بن عبيد اللّه إلى أبيه فعرّفه ذلك، فقال عبيد اللّه: ليس واللّه! يركب.

    {إثبات الوصيّة: ٢٤٠، س ٣.

    الهداية الكبرى: ٣٢١، س ٣ عنه مدينة المعاجز: ٧/٥٣٣، ضمن ح ٢٥١٧.

    وحلية الأبرار: ٥/٥٦، ضمن ح ٦.

    قطعة منه في (داره‏ عليه السلام) و(قبوله عليه السلام هدايا السلطان) و(إخباره‏ عليه السلام بأجل المتوكّل)}.

 

 

 

 

    ١٦- المسعوديّ رحمه الله؛:... وقدم به [أي أبي الحسن الثالث‏ عليه السلام] بغداد وخرج إسحاق بن إبراهيم

    جملة القوّاد فتلقّوه ... ثمّ خرج إلى سرّ من رأى فتلقّاه جملة من أصحاب المتوكّل، حتّى دخل إليهم، فأعظمه

    وأكرمه، ومهّدله، ثمّ انصرف عنه إلى دار أعدّت له؛ وأقام بسرّ من رأى.

    {إثبات الوصيّة: ٢٣٦، س ٢٠.

    تقدّم الحديث بتمامه في رقم ٤٩٧}.

 

 

 

 

    ١٧- المسعوديّ رحمه الله؛: روي أنّه [أي أبا الحسن الثالث ‏عليه السلام] دخل دار المتوكّل فقام يصلّي،....

    {إثبات الوصيّة: ٢٣٩، س ١٠.

    تقدّم الحديث بتمامه في رقم ٣٧٣}.

 

 

 

    ١٨- المسعوديّ رحمه الله؛: روى أحمد بن محمّد بن قابنداذ الكاتب الإسكافيّ قال:... فصرت إلى سرّ من

    رأى فلم أصل إليه [أي أبي الحسن الهادي‏ عليه السـلام]... ثمّ سمعت الناس يتحدّثون بأنّه يركب، فبادرت

    ففاتني ودخل دار السلطان....

    {إثبات الوصيّة: ٢٣٧، س ١٧.

    تقدّم الحديث بتمامه في رقم ٣٢٧}.

 

 

 

    ١٩- الشيخ الصدوق رحمـه الله؛:... الصقر بن أبي دلف قـال: لمّا حمل المتوكّل سيّدنا أبا الحسن عليه

    السلام جئت أسأل عن خبره.

    قال: فنظر إليّ الزراقيّ وكان حاجبا للمتوكّل، فأومأ إليّ أن ادخـل عليه، فدخلت إليه ... فإذا هـو عليه

    السلام جالس على صدر حصير وبحذاه قبر محفور....

    {معاني الأخبار: ١٢٣، ح ٣١.

    يأتي الحديث بتمامه في ج ٢، رقم ٥٥٦}.

 

 

 

 

    (٢٠)- الشيخ المفيد رحمه الله؛: أخبرني أبو القاسم جعفر بن محمّد ، عـن محمّد بن يعقوب، عن عليّ

    بن إبراهيم، عن إبراهيم بن محمّد الطاهريّ‏ {في المصدر: ابن النعيم بن محمّد الطاهريّ، ومـا أثبتناه هو

    الصحيح بقرينـة ما فـي ‏الكتب الرجاليّة وسائر المصادر} قال: مرض المتوكّل من خُراج خـرج به،

    فأشرف منه على الموت فلم‏{الخُراج: كلّ ما يخـرج بالبدن  كالدمل. المنجد: ١٧٢ (خرج)} يجسر أحد

    أن يمسّه بحديدة،فنذرت أُمّه إن عوفي أن تحمل إلى أبي الحسن عليّ بن محمّد عليهما السلام مالاً جليلاً

    من مالها. وقال له الفتح بن خاقان: لو بعثت إلى هـذا الرجل يعني أبا الحسن‏ عليه السـلام فسألته فإنّه

    ربما كان عنده صفة شي‏ء يفرّج اللّه به عنك. فقال: ابعثوا إليه.

    فمضى الرسـول ورجع. فقال‏ عليه السـلام: خـذوا كُسب الغنم، فديفوه بماء الورد، {الكُسب بالضمّ:

    عصارة الدهن. لسـان العـرب: ١/٧١٧(كسب)} وَضِعوه على الخراج فإنّه نافع بإذن اللّه، فجعل من

    يحضر المتوكّل يهزأ من قوله.

    فقال لهم الفتح: وما يضرّ من تجربـة ما قال، فواللّه! إنّي لأرجو الصلاح به، فأُحضر الكُسب، وديف

    بماء الـورد، ووضع على الخُراج، فانفتح وخرج ما كان فيه، وبشّرت أُمّ المتوكّل بعافية.

    فحملت إلى أبي الحسن‏ عليه السـلام عشرة آلاف دينار تحت ختمها ، واستقلّ المتوكّل من علّته. فلمّا

    كان بعد أيّام سعى البطحائيّ بأبي الحسن عليه السـلام إلى المتوكّل، وقال: عنده أموال وسلاح. فتقدّم

    المتوكّل إلى سعيد الحاجب أن يهجم عليه ليلاً، ويأخذ مايجده عنده من الأموال والسلاح، ويحمل إليه.

    قال إبراهيم بن محمّد: قال لي سعيد الحاجب: صرت إلى دار أبي‏ الحسن‏ عليه السـلام بالليل، ومعي

    سلّم فصعدت منه إلى السطـح، ونزلت من الدرجـة إلى بعضها في الظلمة، فلم أدر كيف أصل إلى

    الدار. فناداني أبوالحسن عليه السلام من الدار: يا سعيد! مكانك حتّى يأتوك بشمعة، فلم‏ألبث أن أتوني

    بشمعة، فنزلت فوجـدت عليه جبّة صوف، وقلنسوة منها، وسجّادته على حصير بين يديه، وهو مقبل

    على القبلة. فقال لي: دونك البيوت، فدخلتها وفتّشتها فلم أجد فيها شيئا، ووجدت البدرة مختومة بخاتم

    أُمّ المتوكّل وكيسا مختوما معها.

    فقال لي أبو الحسن‏ عليه السلام: دونك المصلّى ، فرفعته فوجدت سيفا في جفن ملبوس، فأخذت ذلك

    وصرت إليه، فلمّا نظـر إلى خاتم أُمّه على البدرة بعث إليها، فخرجت إليه فسألها عن البدرة؟ فأخبر

    بعض خـدم الخاصـة: أنّها قالت: كنت نذرت في علّتك إن عوفيت أن أحمل إليه من مالي عشـرة

    آلاف دينار، فحملتها إليـه وهـذا خاتمي على الكيس ماحرّكه؛ وفتح الكيس الآخر فإذا فيه أربعمائة

    دينار، فأمـر أن يضمّ إلى البدرة بدرة أُخرى ، وقـال لي: احمل ذلك إلى أبي الحسن، واردد عليه

    السيف، والكيس بمـا فيـه، فحملت ذلك إليه واستحييت منه.

    فقلت له: يا سيّدي! عزّ عليّ دخولي دارك بغير إذنك، ولكنّي مأمور.

    فقال لي: (وَسَيَعْلَمُ الّذِينَ ظَلَمُواْ أَىّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ){الشعراء: ٢٦/٢٢٧}.

    {الإرشاد: ٣٢٩، س ١٨

    عنه مستدرك الوسائل: ١٣/١٧٩، ح ١٥٠٣٤، قطعة منه، والأنوارالبهيّة: ٢٩١، س ١.

    الكافي: ١/٤٩٩، ح ٦، مختصرا.

    عنه مدينة المعاجز: ٧/٤٢٤، ح ٢٤٢٦، وحلية الأبرار: ٥/٣٦، ح ٢.

    الفصول المهمّة لابن الصبّاغ: ٢٨١، س ٨

    عنه إحقاق الحقّ: ١٢/٤٥٢، س ١٠.

    إعلام الورى: ٢/١١٩، س ١٤ عنه وعن الإرشاد، البحار: ٥٠/١٩٨، ح ١٠.

    الخرائج والجرائح: ٢/٦٧٦، ح ٨ عنه إثبات الهداة: ٣/٣٨٠، ح ٤٩.

    المناقب لابن شهرآشوب: ٤/٤١٥، س ١٤.

    الدعوات: ٢٠٢، ح ٥٥٥ عنه البحار: ٥٩/١٩١، ح ٢

    كشف الغمّة: ٢/٣٧٨، س ١٨.

    إحقاق الحقّ: ١٢/٤٤٨، س ١٦، عن كتاب فصل الخطاب لمحمد خواجه پارساى البخاري.

    قطعة منه في(لباسـه‏ عليه السـلام) و(فراشه‏ عليه السـلام) و(معاشرته عليه السلام مع أعدائه)

    و(معالجته‏ عليه السـلام المرضـى) و(هدايا الناس إليـه ‏عليه السـلام) و(إخباره عليه السـلام

    بالوقائع العامّة) و(الشعراء: ٢٦/٢٢٧) و(عـلاج مرض المتوكّل بماء الورد)}.

 

 

 

 

    (٢١)- الشيخ المفيد رحمه الله؛: وكان سبب شخوص أبي الحسن ‏عليه السلام، من المدينة، إلى سرّ من

    رأى أنّ عبد اللّه بن محمّد كان يتولّى الحرب والصلاة بمدينة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، فسعى

    بأبي الحسن عليه السـلام إلى المتوكّل، وكان يقصده بالأذى وبلغ أبا الحسن عليه الـسلام سعايته بـه.

    فكتب إلـى المتوكّل يذكر تحامل عبد اللّه بن محمّد عليه ، كذّبـه فيما سعـى به، فتقدّم المتوكّل بإجابته

    عن كتابه ودعائه فيـه إلى حضور العسكر على جميل من الفعل والقول، فخرجت نسخة الكتاب وهى:

    بسم اللّه الرحمن الرحيم‏

    « أمّا بعد فإنّ أمير المؤمنين عـارف بقدرك، راع لقرابتك، موجب لحقّك، مقدّر من الأُمـور فيك، وفي

    أهـل بيتك مـا يصلح اللّه به حالك وحالهم، ويثبت به عزّك وعزّهم، ويدخل الأمن عليك وعليهم، يبتغي

    بذلك رضى ربّه، وأداء ما افترض عليه فيك وفيهم ، وقـد رأى أمير المؤمنين صرف عبد اللّه بن محمّد

    عمّا كان يتولّاه من الحـرب والصلاة بمدينة الرسـول ‏صلى الله عليه وآله وسلم، إذ كان على ما ذكرت

    من جهالته بحقّك، واستخفافه بقدرك، وعندما قرفك به، ونسبك إليه من الأمر الذي قد علم أمير المؤمنين

    برائتك منـه، {قرّف: عاب واتّهم. المنجد: ٦٢٢، (قرّف)} وصدق نيّتك في برّك، وقولك، وإنّك لم ‏تؤهّل

    نفسك لما قرفت بطلبه، وقد ولّى أمير المؤمنين ما كان يلي مـن ذلك محمّد ابن الفضل وأمره بإكرامك،

    وتبجيلك، والإنتهاء إلى أمرك، ورأيك، والتقرّب إلى اللّه، وإلى أمير المؤمنين بذلك.

    وأمير المؤمنين مشتاق إليك، يحبّ إحداث العهد بك ، والنظر إليك فان نشطت لزيارته، والمقام قبلـه ما

    أحببت شخصت، ومن اخترت من أهل بيتك، ومواليك وحشمك، على مهلـة وطمأنينة، ترحّل إذا شئت،

    وتنزل إذا شئت، وتسير كيف شئت ، وإن أحببت أن يكون يحيى بن هرثمة مولى أميرالمؤمنين ومن معه

    من الجند يرحلون برحلك، ويسيرون بسيرك، فالأمر في ذلك إليك، وقد تقدّمنا إليه بطاعتك، فاستخر اللّه

    حتّى توافي أميرالمؤمنين، فما أحد من إخوانه، وولده، وأهل بيته، وخاصّته، ألطف منه منزلة، ولا أحمد

    لهم أثرة، ولا هو لهم أنظر، ولا عليهم أشفق، وبهم أبّر، وإليهم أسكن منه إليك، والسـلام عليك ورحمة

    اللّه وبركاته ». وكتب إبراهيم بن العبّاس في شهر جمادي الآخرة من سنة ثلاث وأربعين ومائتين.

    فلمّا وصل الكتاب إلى أبي الحسن‏ عليـه السلام تجهّز للرحيل، وخرج معه يحيى ابن هرثمة حتّى وصل

    إلى سرّ من رأى ، فلمّا وصل إليها تقدّم المتوكّل بأن يحجب عنه في يومـه، فنزل في خان يعرف بخان

    الصعاليك، وأقام فيه يومه، ثمّ تقدّم المتوكّل بإفراد دار له فانتقل إليها.

    {الإرشاد: ٣٣٢، س ٢٢ عنه البحار: ٥٠/٢٠٠، ح ١١، وأعيان الشيعة: ٢/٣٧، س ٤٠.

    المناقب لابن شهرآشوب: ٤/٤١٧، س ١٢، باختصار.

    الكافي: ١/٥٠١، ح ٧، قطعة منه. عنه الوافي: ٣/٨٣٨، ح ١٤٥٢.

    روضة الواعظين: ٢٦٩، س ١٣.

    كشف الغمّة: ٢/٣٨٢، س ٧.

    الفصول المهمّة لابن الصبّاغ: ٢٧٩، س ٢٠.

    نور الأبصار: ٣٣٦، س ١.

    المستجاد من الإرشاد: ٢٣٩، س ٦، باختصار.

    إعلام الورى: ٢/١٢٥، س ١٢ عنه حلية الأبرار: ٥/٤٩، ضمن ح ١، والأنوار البهيّة: ٢٨٨، س ٤.

    قطعة منه في (كتابه‏ عليه السلام إلى المتوكّل)}.

 

 

 

    (٢٢)- الشيخ الطوسيّ رحمه الله؛: أبو محمّد الفحّام قال: حدّثني أبو الطيّب أحمد بن محمّد بن بوطير

    قال: حدّثني خير الكاتب قـال: حدّثني شيلمـة{في المناقب: سلمـة، وفي البحار: سميلة، وفي مدينة

    المعاجز: سليمـة} الكاتب، وكان قد عمل أخبار سرّ من رأى قـال: كان المتوكّل‏ ركب إلى الجامع،

    ومعه عدد ممّن يصلح للخطابة، وكان فيهم رجل من ولـد العبّاس بن محمّد يلقّب بهريسـة، وكـان

    المتوكّل يحقّره، فتقدّم إليه أن يخطب ‏يوما، فخطب وأحسن، فتقدّم المتوكّل ‏يصلّي، فسابقه من قبل أن

    ينزل من المنبر، فجاء فجذب منطقته من ورائـه، وقال: ياأمير المؤمنين!{المِنطَق والمنطقة والنِطاق:

    كلّ ما شدّ به وسطـه. لسان العـرب:  ١٠/٣٥٤(نطق)} من خطب يصلّي. فقال المتوكّل: أردنا أن

    نخجله فأخجلنا. وكان أحد الأشرار فقال يوما للمتوكّل : ما يعمل أحد بك أكثر ممّا تعمله بنفسك في

    عليّ بن محمّد، فـلا يبقى في الـدار إلّا مـن يخدمـه، ولا يتبعونه بشيل ستر {شالت الناقة بذنبها:

    أي رفعته. لسان العرب: ١١/٣٧٤، (شول)} ولافتح باب ولا شي‏ء، وهذا إذا علمه الناس قالوا:

    لو لم يعلم استحقاقه للأمر مافعل به هذا، دعه إذا دخل يشيل الستر لنفسه، ويمشي كما يمشي غيره،

    فتمسّه بعض الجفوة؛ فتقدّم ألّا يخدم ولا يشال بين يديه ستر، {الجفاوة: قساوة القلب. مجمع البحرين:

    ١/٨٩ (جفا)} وكان المتوكّل ما رُئي أحد ممّن يهتمّ بالخبر مثله.

    قال: فكتب صاحب الخبر إليه: أنّ عليّ بن محمّد دخل الدار، فلم يخدم ولم ‏يشل أحد بين يديه ستر،

    فهبّ هواء رفع الستر له فدخل.

    فقال: اعرفوا خبر خروجه ؛ فذكر صاحب الخبر أنّ هـواء خالف ذلك الهواء شال الستر له حتّى

    خرج.

    فقال: ليس نريد هواء يشيل الستر، شيلوا الستر بين يديه.

    {الأمالي: ٢٨٦، ح ٥٥٦ عنه مدينـة المعاجـز: ٧/٤٣٤، ح ٢٤٣٦، والبحـار: ٥٠/١٢٨، ح ٦،

    وإثبات الهداة: ٣/٤٦٧ ح‏ ٢٣.

    المناقب لابن شهر آشوب: ٤/٤٠٦، س ٢٣، باختصار. عنه البحار: ٥٠/٢٠٣، ح ١٢.

    قطعة منه في (إشالة الستور له‏ عليه السلام)}.

 

 

 

    ٢٣- الشيخ الطوسـيّ رحمـه الله؛:... المنصوريّ قال: حدّثني عمّ أبي قال: دخلت يوما على المتوكّل

    وهو يشرب، فدعاني إلى الشرب.

    فقلت: يا سيّدي! ما شربته قطّ.

    فقال: أنت تشرب مع عليّ بن محمّد .

    فقلت له: ليس تعرف من في يديك، إنّما يضرّك ولا يضرّه؛ ولم أُعد ذلك ‏عليه.

    قال: فلمّا كان يوما من الأيّام قال لي الفتح بن خاقان: قد ذكر الرجل -يعني المتوكّل - خبر مال يجي‏ء

    من قمّ، وقد أمرني أن أرصده لأُخبره به، فقل لي: من أيّ طريق يجي‏ء حتّى أجتنبه؟ فجئت إلى الإمام

    عليّ بن محمّد (عليهما السـلام) فصادفت عنده من احتشمـه، فتبسّم وقـال لـي: لا يكـون إلّا خير.

     يا أبا موسى! لِمَ لَمْ تُعد الرسالة الأوّلة؟ فقلت: أجللتك يا سيّدي!

    فقال لي: المال يجي‏ء الليلة، وليس يصلون إليه، فبت عندي.

    فلمّا كان من الليل وقام إلى ورده قطع الركوع بالسـلام، وقال لي: قد جاء الرجل ومعـه المال، وقد

    منعه الخادم الوصـول إليّ ، فاخرج وخـذ ما معـه، فخرجت فإذا معه الزنفيلجة فيها المال، فأخذته

    ودخلت به إليه....

    {الأمالي: ٢٧٥، ح ٥٢٨.

    تقدّم الحديث بتمامه في رقم ٣٤٦}.

 

 

 

    ٢٤- أبو جعفر الطبريّ رحمه الله؛: ... مقبل الديلميّ قال: كان رجل بالكوفة له صاحب يقول بإمامـة

    عبـد اللّه بن جعفر بن محمّد... فأخبرا أنّ أبا الحسن عليّ بن محمّد مولانا ركب إلى دار المتوكّل،...

    قال: فوقفا إلى أن عـاد أبو الحسن عليـه السـلام من موكب المتوكّل وبين يديه الشاكريّة ومن ورائه

    الركبة يشيّعونه إلى داره،....

    {دلائل الإمامة: ٤١٦، ح ٣٨٠.

    تقدّم الحديث بتمامه في رقم ٣٣١}.

 

 

 

    ٢٥- أبو جعفـر الطبريّ رحمـه الله؛:... مقبل الديلمـيّ قال: كنت جالسـا على بابنا بسرّ من رأى،

    ومولانا أبو الحسن(عليه السلام) راكب لدار المتوكّل الخليفة،....

    {دلائل الإمامة: ٤١٧، ح ٣٨١.

    تقدّم الحديث بتمامه في رقم ٣٣٢}.

 

 

 

    ٢٦- أبو جعفـر الطبريّ؛:... أبو الحسين محمّد بن إسماعيل بن أحمد الفهقليّ الكاتب،... قال: حدّثني

    أبي قال: كنت بسـرّ من رأى أسير في درب الحصا، فرأيت يزداد النصرانيّ ... قال:... بلغنـي أنّ

    الخليفة استقدمه[أي‏ عليّ بن محمّد ابن الرضا:] من الحجاز فرقا منه، لئلّا ينصرف إليه وجـوه الناس،

    فيخرج هذا الأمر عنهم، يعني بني العبّاس....

    {دلائل الإمامة: ٤١٨، ح ٣٨٢.

    تقدّم الحديث بتمامه في رقم ٣٣٣}.

 

 

 

    ٢٧- أبو جعفر الطبريّ رحمه الله؛:... عليّ بن محمّد النوفليّ قال: قال عليّ بن محمّد عليهما السلام

    لمّا بدأ المتوكّل بعمارة الجعفريّ في سرّ من رأي: يا عليّ! إنّ هـذا الطاغية يُبتلى ببناء مدينة لا تتمّ،

    ويكون حتفه فيها قبل تمامها، على يد فرعون من فراعنة الأتراك....

    {دلائل الإمامة: ٤١٤، ح ٣٧٦.

    تقدّم الحديث بتمامه في رقم ٣٦١}.

 

 

 

    ٢٨- الحسين بن عبد الوهّاب رحمه الله؛: روي:... أمر المتوكّل بني هاشم بالترجّل والمشي بين يديه،

    وإنّما أراد بذلك أن يترجّل أبو الحسن‏ عليه السلام، فترجّل بنو هاشم وترجّل أبو الحسن‏ عليه السـلام

    واتّكى على رجل من مواليـه، فأقبل عليه الهاشميّون.

    وقالوا: يا سيدّنا! ما في هـذا العالم أحد يستجاب دعاؤه، يكفينا اللّه به تعزّز هذا؟ فقال لهم أبو الحسن

    ‏عليه السلام: في هـذا العالم مَن قلامة ظفره أكـرم على اللّه من ناقة ثمود، لمّا عقـرت الناقة صاح

    الفصيل إلى اللّه تعالى، فقال اللّه سبحانه:

    (تَمَتّعُواْ فِى دَارِكُمْ ثَلَثَةَ أَيّامٍ ذَلِكَ وَعْدٌ غَيْرُ مَكْذُوبٍ) فقتل المتوكّل يوم الثالث.

    {عيون المعجزات: ١٣٥، س ٢٢.

    تقدّم الحديث بتمامه في رقم ٣٦٢}.

 

 

 

    (٢٩)- الحلواني رحمـه الله؛: قال [الهادي‏] عليه السلام لمّا سأله المتوكّل، فقال له: مايقـول بنو أبيك

    في العبّاس؟ [قال ‏عليه السـلام: ما يقولون في رجل فرض اللّه طاعته على الخلق‏] وفرض ‏اللّه طاعة

    العبّاس عليه؟

    {نزهة الناظر وتنبيه الخاطر: ١٤٢، ح ٣٠.

    أعلام الدين: ٣١٢، س ٧ عنه البحار: ٧٥/٣٦٩، ضمن ح ٤.

    عمدة عيون صحاح الأخبار: ٤٨، س ٢٠}.

 

 

 

    ٣٠- الحلواني رحمه الله؛: قال‏[الهادي‏] عليه السـلام للمتوكّل في جواب كـلام بينهما: لاتطلب الصفا

     ممّن كدّرت عليه،....

     {نزهة الناظر وتنبيه الخاطر: ١٤٢، ح ٢٩.

     يأتي الحديث بتمامه في ج ٣، رقم ٧٧٩}.

 

 

 

     (٣١)- الراونديّ  رحمه الله؛: قال أبو القاسم البغداديّ، عن زُرافة قال: أراد المتوكّل أن يمشي عليّ

     بن محمّد بن الرضا: يوم السـلام، فقال له وزيره: إنّ في هذا شناعةً عليك وسوء مقالةٍ فلا تفعل.

     قال: لا بدّ من هذا.

     قال: فإن لم يكن بدّ من هذا فتقدّم بأن يمشي القوّاد والأشراف كلّهم حتّى لايظنّ الناس أنّك قصدته بهذا

     دون غيره. ففعل ومشى عليه السلام وكان الصيف، فوافى الدهليز وقد عرق.

     قال: فلقيته فأجلسته في الدهليز، ومسحت وجهـه بمنديل وقلت: إنّ ابن عمّك لم يقصدك بهـذا دون

     غيرك فلا تجد عليه في قلبك.

     فقال ‏عليه السلام: إيها عنك(تَمَتّعُواْ فِى دَارِكُمْ ثَلَثَةَ أَيّامٍ ذَلِكَ وَعْدٌ غَيْرُ مَكْذُوبٍ){سورة هود: ١١/٦٥}.

     قال زُرافة: وكـان عندي معلّم يتشيّع، وكنت كثيرا أُمازحـه بالرافضي، فانصرفت إلى منزلي وقت

     العشاء وقلت: تعال يا رافضي! حتّى أُحدّثك بشي‏ء سمعته اليوم من إمامكم.

     قال: وما سمعت؟ فأخبرته بما قال.

     فقال: [يا حاجب! أنت سمعت هذا من عليّ بن محمّد عليهما السلام؟

     قلت: نعم!

     قال: فحقّك عليّ واجب بحقّ خدمتي لك‏]، فاقبل نصيحتي.  

     قلت: هاتها.  

     قال: إن كان عليّ بن محمّد عليهما السلام قد قال ما قلت، فاحترز واخزن كلّ ماتملكه فإنّ المتوكّل

     يموت، أو يقتل بعد ثلاثة أيّام.

     فغضبت عليه وشتمته وطردته من بين يديّ فخرج، فلمّا خلوت بنفسي تفكّرت وقلت: ما يضرّني أن

     آخذ بالحزم، فإن كان من هذا شي‏ء كنت قد أخذت بالحزم، وإن لم يكن لم يضرّني ذلك.

     قال: فركبت إلى دار المتوكّل، فأخرجت كلّ مـا كان لي فيها، وفرّقت كلّ ما كان في داري

     إلى عند أقوام أثق بهم، ولم أترك في داري إلّا حصيرا أقعد عليـه. فلمّا كانت الليلة الرابعـة قتل

     المتوكّل، وسلمت أنا ومالي، فتشيّعت عند ذلك وصرت إليه ولزمت خدمتـه، وسألته أن يدعو لي

     وتولّيته حـقّ الولاية.

     {الخرائج والجرائح: ١/٤٠١، ح ٨ عنه الأنوار البهيّة: ٢٩٦، س ٢، والبحار: ٥٠/١٤٧، ح ٣٢.

     قطعة منه في (إخباره‏ عليه السلام بأجل المتوكّل) و(هود: ١١/٦٥)}.

 

 

 

     (٣٢) - الراونديّ رحمه الله؛: إنّ أبا هاشم الجعفريّ قال: ظهرت في أيّام المتوكّل امـرأة تدّعي أنّها

     زينب بنت فاطمـة بنت رسول اللّه‏ صلى الله عليه و آله وسلم.

     فقال لها المتوكّل: أنت امرأة شابّة وقد مضى من وقت وفاة رسـول ‏اللّه‏ صلى الله عليه و آله وسلم

     ما مضى من السنين.

     فقالت:إنّ رسول اللّه‏ صلى الله عليه و آله وسلم مسح على رأسي وسأل اللّه أن يردّ عليّ شبابي في

     كلّ أربعين سنـة، ولم أظهر للناس إلى هـذه الغاية، فلحقتني الحاجـة فصرت إليهم. فدعا المتوكّل

     مشايخ آل أبي طالب، وولـد العبّاس، وقريش، فعرّفهم حالها. فروى جماعة وفاة زينب [بنت فاطمة

     عليهما السلام] في سنة كذا.

     فقال لها: ما تقولين في هذه الرواية؟

     فقالت: كذبٌ وزور، فإنّ أمري كان مستورا عن الناس، فلم يعرف لي حياة ولا موت.

     فقال لهم المتوكّل: هل عندكم حجّة على هذه المرأة غير هذه الرواية؟

     قالوا: لا!

     قال: أنا بري‏ء من العبّاس إن [لا]أُنزلها عمّا ادّعت إلّا بحجّة [تلزمها].

     قالوا: فأحضر[عليّ بن محمّد] ابن الرضا: فلعلّ عنده شيئا من الحجّة غير ما عندنا؛ فبعث إليه فحضر

     فأخبره بخبر المرأة.

     فقال ‏عليه السلام: كذبت، فإنّ زينب توفّيت في سنة، كذا في شهر كذا في يوم كذا.

     قال: فإنّ هؤلاء قد رووا مثل هذه الرواية وقد حلفت أن لا أُنزلها عمّا ادّعت إلّا بحجّة تلزمها.

     قال ‏عليه السلام: ولا عليك فههنا حجّة تلزمها وتلزم غيرها.

     قال: وما هي؟

     قال ‏عليه السلام: لحوم ولد فاطمة محرّمة على السباع، فأنزلها إلى السباع، فإن كانت من ولد فاطمة،

     فلا تضرّها [السباع‏].

     فقال لها: ما تقولين؟ قالت: إنّه يريد قتلي.

     قال: فهيهنا جماعة من ولد الحسن والحسين ‏عليهما السلام فأنزل من شئت منهم.

     قال: فو اللّه! لقد تغيّرت وجوه الجميع.

     فقال بعض المتعصّبين: هو يحيل على غيره لم لا يكون هـو؟ فمال المتوكّل إلى ذلك رجاء أن يذهب

     من غير أن يكون له في أمره صنع.

     فقال: يا أبا الحسن! لم لا يكون أنت ذلك؟ قال‏ عليه السلام: ذاك إليك.

     قال: فافعل! قال‏ عليه السـلام: أفعل [إن‏شاء اللّه‏]. فأُتي بسلّم وفتح عن السباع وكانت ستّة من الأسد،

     فنزل [الإمام‏] أبو الحسن‏ عليه السـلام إليها، فلمّا دخـل وجلس صارت الأُسـود إليه ورمت بأنفسها

     بين يديه، ومدّت بأيديها، ووضعت رؤوسها بين يديه، فجعل يمسـح على رأس كلّ واحد منها بيده، ثمّ

     يشير له بيده إلى الاعتزال، فيعتزل ناحية حتّى اعتزلت كلّها، وقامت بإزائه.

     فقال له الوزير: ما كان هذا صوابا فبادر بإخراجه من هناك، قبل أن ينتشر خبره.

     فقال لأبو الحسن‏ عليه السلام: ما أردنا بك سوءً، وإنّما أردنا أن نكـون علـى يقين ممّا قلت، فأُحبّ

     أن تصعد؛ فقام وصار إلى السلّم، وهي حوله تتمسّح بثيابه؛ فلمّا وضع رجله على أوّل درجة، التفت

     إليها وأشـار بيده أن ترجع، فرجعت وصعد، فقال: كلّ من زعم أنّه من ولد فاطمة فليجلس في ذلك

     المجلس.

     فقال لها المتوكّل: انزلي! قالت: اللّه! اللّه! ادّعيت الباطل، وأنا بنت فلان، حملني الضرّ على ما قلت.

     فقال [المتوكّل‏]: ألقوها إلى السباع؛ فبعثت والدته واستوهبتها منه وأحسنت إليها.

     {الخرائج والجرائح: ١/٤٠٤، س ١١ عنه البحار: ٥٠/١٤٩، ح ٣٥، وإثبات الهداة: ٣/٣٧٥، ح ٤٣،

     وحليـة الأبرار: ٥/٥٩، ح ١.

     المناقب لابن شهرآشوب: ٤/٤١٦، س ٤، بتفاوت. عنه مدينـة المعاجز: ٧/٤٧٥، ح ٢٤٧٦، وحلية

     الأبرار: ٥/٦١، ح ٢، والبحار: ٥٠/٢٠٤ ح ١٣.

     الثاقب في المناقب: ٥٤٥، ح ٤٨٧.

     الصـراط المستقيم: ٢/٢٠٤، ح ١٠، باختصار. عنه حلية الأبرار: ٥/٦٢، ح ٣، ومدينـة المعاجز:

     ٧/٤٧٨، ح ٢٤٧٧.

     نور الأبصار: ٧/٣٣٠.

     قطعـة منه في (قصّة زينب الكذّابة وإعجازه عليه السـلام في بركـة السباع) و (حرمة لحوم ولد

     فاطمة: على السباع)}.

 

 

 

 

     (٣٣)- الراونديّ رحمـه الله؛: روى أبو سعيد سهل بن زياد،[قال‏]: حدّثنا أبوالعبّاس فضل بن أحمد بن

     إسرائيل الكاتب، ونحـن في داره بسامرة، فجرى ذكر أبي الحسن‏ عليه السـلام ، فقال: يا أبا سعيـد!

     إنّي أُحدّثك بشي‏ء حدّثني به أبي قال: كنّا مع المعتزّ وكان أبي كاتبه قال: فدخلنا الدار وإذا المتوكّل على

     سريره قاعد، فسلّم المعتزّ ووقف ووقفت خلفه، وكان عهدي به إذا دخل عليه رحّب به، ويأمره بالقعود،

     فأطال القيام وجعل يرفع قدمـا ويضع أُخرى، وهو لا يأذن له بالقعود. ونظرت إلى وجهه يتغيّر ساعةً

     بعد ساعـةٍ، ويقبل على الفتح بن خاقان ويقول: هذا الذي تقول فيه ما تقول ، ويردّد القول، والفتح مقبل

     عليـه يسكّنـه ويقول: مكذوب عليه يا أمير المؤمنين ! وهو يتلظّى ويشطّط ويقول: واللّه! لأقتلنّ هـذا

     المرائي الزنديق وهـو الذي يدّعي الكذب، ويطعن في دولتي، ثمّ قال: جئني بأربعة مـن الخزر جلّاف

     لايفهمون، فجي‏ء بهم ودفـع إليهم أربعـة أسياف وأمرهم [أن‏] يرطّنوا {الرطانـة بفتح الراء وكسرها،

     والتراطن: كـلام لا يفهمـه الجمهور، والتكلّم بالعجميّة. لسان‏ العرب: ١٣/١٨١(رطـن)} بألسنتهم إذا

     دخـل أبو الحسن وأن يقبلوا عليـه بأسيافهم(فيخطبوه ويعلّقوه) وهو يقـول: واللّه! لأُحرقنّه بعد القتل؛

     وأنا منتصب قائم خلف المعتزّ من وراء الستر؛ فمـا علمت إلّا بأبي الحسن‏ عليـه السلام قد دخل وقد

     بادر الناس قدّامه وقالـوا: [قد] جـاء ، والتفت ورأى فإذا أنابه وشفتاه تتحرّكان، وهـو غير مكترث،

     ولاجازع ، فلمّا بصر بـه المتوكّل ‏رمى بنفسـه عن‏{الاكتراث: في الحديث (لايكترث لهذا الأمر) أي

     لا يعبأبه ولا يباليه. مجمع ‏البحرين:  ٢/٢٦٢ (كرث)} السـرير إليه، وهو يسبقه، فانكبّ عليه يقبّل بين

     عينيه ويديه ، وسيفـه بيده وهـو يقـول: يا سيّدي! يا ابن رسول اللّه! يا خير خلق اللّه! يا ابن عمّي!

      يامولاي! يا أباالحسن! وأبو الحسن‏ عليه السـلام يقول: أُعيذك يا أمير المومنين! باللّه! أعفني من هذا.

     فقال: ما جاء بك يا سيّدي! في هذا الوقت؟ قال: جاءني رسولك فقال: المتوكّل يدعوك. فقال: كذب ابن

     الفاعلة، ارجع يا سيّدي من حيث جئت؛ يا فتح! ياعبيد اللّه! يا معتزّ! شيّعوا سيّدكم وسيّدي.

     فلمّا بصر به الخـزر خرّوا سجّدا مذعنين، فلمّا خرج دعاهم المتوكّل (ثمّ أمر الترجمان أن يخبره) بما

     يقولون.

     ثمّ قال لهم: لِمَ لم تفعلوا ما أمرتم؟

     قالـوا: شدّة هيبته؛ ورأينا حولـه أكثر من مائة سيف لم نقدر أن نتأمّلهم، فمنعنا ذلك عمّا أمـرت به،

     وامتلأت قلوبنا من ذلك [رعبا].

     فقال المتوكّل: يا فتح! هذا صاحبك،- وضحك في وجه الفتح، وضحك الفتح في وجهه - وقال: الحمد

     للّه الذي بيّض وجهه وأنار حجّته.

     {الخرائج والجرائح: ١/٤١٧، ح ٢١ عنه حلية الأبرار: ٥/٥٣، ح ٥، وإثبات الهداة: ٣/٣٧٩، ح ٤٨،

     والبحار: ٥٠/١٩٦، ح ‏٨، والأنوار البهيّة: ٢٩٣، س ٢.

     الثاقب في المناقب: ٥٥٦، ح ٤٩٨ عنه مدينة المعاجز: ٧/٤٨٨، ح ٢٤٨٢.

     كشف الغمّة: ٢/٣٩٥، س ١٤.

     الصراط المستقيم: ٢/٢٠٥، ح ١٧، بتفاوت.

     كتاب ألقاب الرسول وعترته: ضمن المجموعة النفيسة: ٢٣٤، س ١١، باختصار.

     قطعة منه في (إلقاء الرعب في قلوب الذين أرادوا قتله ‏عليه السلام).

 

 

 

 

     ٣٤- الراونديّ رحمـه الله؛: روي عن يحيى بن هرثمـة قال: دعاني المتوكّل، فقـال: اختر ثلاثمائة

     رجـل ممّن تريد، واخرجـوا إلى الكوفـة، فخلّفوا أثقالكـم فيها، واخرجـوا على طريق البادية إلى

     المدينة، فأحضروا عليّ بن محمّد بن الرضا:، إلى عندي مكرما معظّما مبجّلاً.

     قال: ففعلت وخرجنا... وسرنا حتّى دخلنا المدينة... فدخلت إليه فقرأ عليه السلام كتاب المتوكّل....

     {الخرائج والجرائح: ١/٣٩٣، ح ٢.

     تقدّم الحديث بتمامه في رقم ٣٢٠}.

 

 

 

     ٣٥- الراونديّ رحمـه الله؛: حدّث جماعـة من أهـل إصفهـان، منهم أبو العبّاس أحمد ابن النصر،

     وأبو جعفر محمّد بن علويّة، قالـوا: كان بإصفهـان رجـل يقـال له: عبد الرحمان، وكان شيعيّا....

     قال: كنت رجلاً فقيرا، وكان لي لسان وجرأة، فأخرجني أهـل إصفهان سنة من السنين مع قوم آخرين

     إلى باب المتوكّل متظلّمين.

     فكنّا بباب المتوكّل يوما إذ خرج الأمر بإحضار عليّ بن محمّد بن الرضا:.

     فقلت لبعض من حضر: من هذا الرجل الذي قد أمر بإحضاره؟

     فقيل: هذا رجل علويّ تقول الرافضة بإمامته.

     ثمّ قيل: ويقدّر أنّ المتوكّل يحضره للقتل....

     {الخرائج والجرائح: ١/٣٩٢، ح ١.

     تقدّم الحديث بتمامه في رقم ٣٣٤}.

 

 

الصفحة السابقة

الفهرست

الصفحة التالية